الْأَخْفَشُ: مُعَانِدِينَ مُسَابِقِينَ. الزَّجَّاجُ: أَيْ ظَانِّينَ أَنَّهُمْ يُعْجِزُونَنَا لِأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنْ لَا بَعْثَ، وَظَنُّوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِمْ، وَقَالَهُ قَتَادَةُ. وَكَذَلِكَ مَعْنَى قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ وَأَبِي عَمْرٍو" مُعَجِّزِينَ" بِلَا أَلِفٍ مُشَدَّدًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يُعَجِّزُونَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْإِيمَانِ بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبِالْآيَاتِ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. وَقِيلَ: أَيْ يَنْسُبُونَ مَنِ اتَّبَعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْعَجْزِ، كَقَوْلِهِمْ: جَهَّلْتُهُ وَفَسَّقْتُهُ. (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) 10.
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)
فِيهِ ثَلَاثَ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" تَمَنَّى" أَيْ قَرَأَ وَتَلَا. وَ (أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) أَيْ قِرَاءَتِهِ وَتِلَاوَتِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ «1». قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَجَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ وَلَا مُحَدَّثٍ" ذَكَرَهُ مَسْلَمَةُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ مَسْلَمَةُ: فَوَجَدْنَا الْمُحَدَّثِينَ «2» مُعْتَصِمِينَ بِالنُّبُوَّةِ- عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ- لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا بِأُمُورٍ عَالِيَةٍ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ خَطِرَاتٍ، وَنَطَقُوا بِالْحِكْمَةِ الْبَاطِنَةِ فَأَصَابُوا فِيمَا تَكَلَّمُوا وَعُصِمُوا فِيمَا نَطَقُوا، كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي قِصَّةِ سَارِيَةَ «3»، وَمَا تكلم به من البراهين العالية.