وخيلا وولدا حتى أو من بِكَ وَأَعْدِلَ إِلَى دِينِكَ، فَدَعَا لَهُ فَرَزَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا تَمَنَّى، ثُمَّ أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِتْنَتَهُ وَاخْتِبَارَهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ فَأَخَذَ مِنْهُ مَا كَانَ رَزَقَهُ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ فَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ" يُرِيدُ شَرْطٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الْمُنَافِقُ يَعْبُدُ اللَّهَ بِلِسَانِهِ دُونَ قَلْبِهِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الَّذِي يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ ليس داخلا بكليته، وبين هذا بقوله (فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ) صِحَّةُ جِسْمٍ وَرَخَاءُ مَعِيشَةٍ رَضِيَ وَأَقَامَ عَلَى دِينِهِ. (وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ) أَيْ خِلَافُ ذَلِكَ مِمَّا يُخْتَبَرُ بِهِ (انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) أَيِ ارْتَدَّ فَرَجَعَ إِلَى وَجْهِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ. (خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) قَرَأَ مُجَاهِدٌ وَحُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ وَالْأَعْرَجُ وَالزُّهْرِيُّ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ- وَرُوِيَ عَنْ يَعْقُوبَ-" خَاسِرَ الدُّنْيَا" بِأَلِفٍ، نَصْبًا عَلَى الْحَالِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُوقَفُ عَلَى" وَجْهِهِ". وخسرانه الدنيا بأن لاحظ فِي غَنِيمَةٍ وَلَا ثَنَاءٍ، وَالْآخِرَةَ بِأَنْ لَا ثواب له فيها.
يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَما لَا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (12)
قَوْلُهُ تعالى: (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ) أَيْ هَذَا الَّذِي يَرْجِعُ إلى الكفر يعبد الصنم الذي ولا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ. (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) قال الفراء: الطويل.
[سورة الحج (22): آية 13]
يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13)
قوله تعالى: (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) أَيْ هَذَا الَّذِي انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ يَدْعُو مَنْ ضَرُّهُ أَدْنَى مِنْ نَفْعِهِ، أَيْ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُ بِعِبَادَتِهِ دَخَلَ النَّارَ، وَلَمْ يَرَ مِنْهُ نَفْعًا أَصْلًا، وَلَكِنَّهُ قَالَ: ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ تَرْفِيعًا لِلْكَلَامِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ" «1» [سبأ: 24]. وَقِيلَ: يَعْبُدُونَهُمْ تُوهِمُ أَنَّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُمْ غَدًا، كما قال الله تعالى: