تفسير القرطبي (صفحة 444)

عَنْ لَفْظِهَا. وَقِيلَ: سُمُّوا بِذَلِكَ لِتَوْبَتِهِمْ عَنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ. هَادَ: تَابَ. وَالْهَائِدُ: التَّائِبُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ حُبِّهِ هَائِدُ

أَيْ تائب. وفى التنزيل:" إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ" [الأعراف: 156] أَيْ تُبْنَا. وَهَادَ الْقَوْمُ يَهُودُونَ هَوْدًا وَهِيَادَةً إِذَا تَابُوا. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ:" هُدْنا إِلَيْكَ" أَيْ سَكَنَّا إِلَى أَمْرِكَ. وَالْهَوَادَةُ السُّكُونُ وَالْمُوَادَعَةُ. قال: ومنه قول تَعَالَى:" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا". وَقَرَأَ أَبُو السَّمَّالِ:" هَادَوْا" بِفَتْحِ الدَّالِ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالنَّصارى) جَمْعٌ وَاحِدُهُ نَصْرَانِيٌّ. وَقِيلَ: نَصْرَانُ بِإِسْقَاطِ الْيَاءِ، وَهَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. وَالْأُنْثَى نَصْرَانَةٌ، كَنَدْمَانَ وَنَدْمَانَةٍ. وَهُوَ نَكِرَةٌ يُعَرَّفُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، قَالَ الشَّاعِرُ (?):

صَدَّتْ كَمَا صَدَّ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ ... سَاقِي نَصَارَى قُبَيْلَ الْفِصْحِ (?) صُوَّامُ

فَوَصَفَهُ بِالنَّكِرَةِ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: وَاحِدُ النَّصَارَى نَصْرِيٌّ، كَمَهْرِيٌّ وَمَهَارَى. وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ شَاهِدًا عَلَى قَوْلِهِ:

تَرَاهُ إِذَا دَارَ الْعِشَا مُتَحَنِّفًا ... وَيُضْحِي لَدَيْهِ وَهُوَ نَصْرَانُ شَامِسُ

وَأَنْشَدَ:

فَكِلْتَاهُمَا خَرَّتْ وَأَسْجَدَ رَأْسُهَا ... كَمَا أَسْجَدَتْ نَصْرَانَةٌ لَمْ تَحَنَّفِ (?)

يُقَالُ: أَسْجَدَ إِذَا مَالَ. وَلَكِنْ لَا يُسْتَعْمَلُ نَصْرَانُ ونصرانة إلا بياء النَّسَبِ، لِأَنَّهُمْ قَالُوا: رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ وَامْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ. وَنَصَّرَهُ: جَعَلَهُ نَصْرَانِيًّا. وَفِي الْحَدِيثِ: (فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ). وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نصراني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015