قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) 20: 130 قَالَ أَكْثَرُ الْمُتَأَوِّلِينَ: هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ" قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ 20: 130" صَلَاةِ الصُّبْحِ (وَقَبْلَ غُرُوبِها) 20: 130 صَلَاةِ الْعَصْرِ (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ) 20: 130 الْعَتَمَةِ (وَأَطْرافَ النَّهارِ) 20: 130 الْمَغْرِبَ وَالظُّهْرَ، لِأَنَّ الظُّهْرَ فِي آخِرِ طَرَفِ النَّهَارِ الْأَوَّلِ، وَأَوَّلُ طَرَفِ النَّهَارِ الْآخِرِ، فَهِيَ فِي طَرَفَيْنِ مِنْهُ، وَالطَّرَفُ الثَّالِثُ غُرُوبُ الشَّمْسِ وَهُوَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ. وَقِيلَ: النَّهَارُ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ فَصَلَهُمَا الزَّوَالُ، وَلِكُلِّ قِسْمٍ طَرَفَانِ، فَعِنْدَ الزَّوَالِ طَرَفَانِ، الْآخِرُ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَالْأَوَّلُ مِنَ الْقِسْمِ الْآخِرِ، فَقَالَ عَنِ الطَّرَفَيْنِ أَطْرَافًا عَلَى نَحْوِ" فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما" «1» [التحريم: 4] وَأَشَارَ إِلَى هَذَا النَّظَرِ ابْنُ فَوْرَكٍ فِي الْمُشْكِلِ. وَقِيلَ: النَّهَارُ لِلْجِنْسِ فَلِكُلِّ يَوْمٍ طَرَفٌ، وَهُوَ إِلَى جَمْعٍ لِأَنَّهُ يَعُودُ فِي كُلِّ نَهَارٍ. وَ" آناءِ اللَّيْلِ" سَاعَاتُهُ وَوَاحِدُ الْآنَاءِ إِنْيٌ وَإِنًى وَأَنًى. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْمُرَادُ بِالْآيَةِ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ، قَالَهُ الْحَسَنُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَعَلَّكَ تَرْضى) 20: 130 بِفَتْحِ التَّاءِ، أَيْ لَعَلَّكَ تُثَابُ عَلَى هَذِهِ الْأَعْمَالِ بِمَا تَرْضَى بِهِ. وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ" تُرْضَى" بِضَمِّ التَّاءِ، أي لعلك تعطى ما يرضيك.
وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (131) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (132)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ) 20: 131 وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي (الْحِجْرِ) «2»." أَزْواجاً" مَفْعُولٌ بِ"- مَتَّعْنا". وَ" زَهْرَةَ 20: 131" نُصِبَ عَلَى الْحَالِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:" زَهْرَةَ 20: 131" مَنْصُوبَةٌ بِمَعْنَى" مَتَّعْنا" لِأَنَّ مَعْنَاهُ جَعَلْنَا لَهُمُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا زَهْرَةً، أَوْ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ وَهُوَ" جَعَلْنَا" أَيْ جَعَلْنَا لَهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، عَنِ الزَّجَّاجِ أَيْضًا. وَقِيلَ: هِيَ بَدَلٌ مِنَ الْهَاءِ فِي" بِهِ" عَلَى الْمَوْضِعِ كَمَا تَقُولُ: مَرَرْتُ بِهِ أَخَاكَ. وَأَشَارَ الْفَرَّاءُ إِلَى نَصْبِهِ عَلَى الْحَالِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ" مَتَّعْنا" قَالَ: كَمَا تَقُولُ مَرَرْتُ بِهِ الْمِسْكِينَ، وقدره: متعناهم به زهرة في الحياة الدُّنْيَا وَزِينَةً فِيهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ مِثْلَ" صُنْعَ اللَّهِ" وَ" وَعَدَ اللَّهُ" وفيه