تفسير القرطبي (صفحة 4312)

وَيُرْوَى مُزَايِلَا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرٍو: يَا حَبِيبِي بِلُغَةِ عَكٍّ ذَكَرَهُ الْغَزْنَوِيُّ وَقَالَ قطرب: هو بلغة طئ وَأَنْشَدَ لِيَزِيدَ بْنِ الْمُهَلْهِلِ:

إِنَّ السَّفَاهَةَ طه مِنْ شَمَائِلِكُمْ ... لَا بَارَكَ اللَّهُ فِي الْقَوْمِ الْمَلَاعِينِ

وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَى" طه" يَا رجل. وقاله عِكْرِمَةُ وَقَالَ هُوَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَمُجَاهِدٍ. وَحَكَى الطَّبَرِيُّ: أَنَّهُ بِالنَّبَطِيَّةِ يَا رَجُلُ. وَهَذَا قَوْلُ السُّدِّيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا قَالَ:

إِنَّ السَّفَاهَةَ طه مِنْ خَلَائِقِكُمْ ... لَا قَدَّسَ اللَّهُ أَرْوَاحَ الْمَلَاعِينِ

وَقَالَ عِكْرِمَةُ أَيْضًا: هُوَ كَقَوْلِكَ يَا رَجُلُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا وَإِنْ وُجِدَتْ فِي لُغَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهَا مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ كَمَا ذكرنا وأنها لغة يمنية في عك وطئ وَعُكْلٍ أَيْضًا. وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَسَمٌ أَقْسَمَ بِهِ. وَهَذَا أَيْضًا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ كَمَا سَمَّاهُ مُحَمَّدًا. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (لِي عِنْدَ رَبِّي عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ) فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا طه وَيس وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لِلسُّورَةِ وَمِفْتَاحٌ لَهَا. وَقِيلَ: إِنَّهُ اخْتِصَارٌ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ بِعِلْمِهِ. وَقِيلَ: إِنَّهَا حُرُوفٌ مُقَطَّعَةٌ يَدُلُّ كُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا عَلَى مَعْنًى وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ الطَّاءُ شَجَرَةُ طُوبَى وَالْهَاءُ النَّارُ الْهَاوِيَةُ وَالْعَرَبُ تُعَبِّرُ عَنِ الشَّيْءِ كُلِّهِ بِبَعْضِهِ كَأَنَّهُ أَقْسَمَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الطَّاءُ افْتِتَاحُ اسْمِهِ طَاهِرٌ وَطَيِّبٌ وَالْهَاءُ افْتِتَاحُ اسْمِهِ هَادِي. وَقِيلَ" طَاءٌ" يَا طَامِعَ الشَّفَاعَةِ لِلْأُمَّةِ" هَاءٌ" يَا هَادِيَ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ (?). وَقِيلَ: الطَّاءُ مِنَ الطَّهَارَةِ وَالْهَاءُ مِنَ الْهِدَايَةِ كَأَنَّهُ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: يَا طَاهِرًا مِنَ الذُّنُوبِ يَا هَادِيَ الْخَلْقِ إِلَى عَلَّامِ الْغُيُوبِ. وَقِيلَ الطَّاءُ طُبُولُ الْغُزَاةِ وَالْهَاءُ هَيْبَتُهُمْ فِي قُلُوبِ الْكَافِرِينَ. بَيَانُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ" (?) وَقَوْلُهُ:" وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ" (?). وَقِيلَ: الطَّاءُ طرب أهل الجنة في الجنة والهاء هو ان أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ. وَقَوْلٌ سَادِسٌ: إِنَّ مَعْنَى." طه" طُوبَى لِمَنِ اهْتَدَى قَالَهُ مُجَاهِدٌ ومحمد بن الحنفية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015