مَا فِي ضَرْعِ النَّاقَةِ إِذَا احْتَلَبَهُ. وَيُقَالُ: هَشَمَ الثَّرِيدَ، وَمِنْهُ سُمِّيَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ وَاسْمُهُ عَمْرٌو، وَفِيهِ يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى:
عَمْرُو الْعُلَا هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ ... وَرِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا أَصَابَتْهُمْ سُنُونٌ «1» ذَهَبْنَ بِالْأَمْوَالِ فَخَرَجَ هَاشِمٌ إِلَى الشَّامِ فَأَمَرَ بِخُبْزٍ كَثِيرٍ فَخُبِزَ، فَحَمَلَهُ فِي الْغَرَائِرِ عَلَى الْإِبِلِ حَتَّى وَافَى مَكَّةَ، وَهَشَمَ ذَلِكَ الْخُبْزَ، يَعْنِي كَسَّرَهُ وَثَرَدَهُ، وَنَحَرَ تِلْكَ الْإِبِلَ، ثُمَّ أَمَرَ الطُّهَاةَ فَطَبَخُوا، ثُمَّ كَفَأَ الْقُدُورَ عَلَى الْجِفَانِ فَأَشْبَعَ أَهْلَ مَكَّةَ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلُ الْحِبَاءِ بَعْدَ السَّنَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ هَاشِمًا. (تَذْرُوهُ الرِّياحُ) أَيْ تُفَرِّقُهُ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. ابْنُ قُتَيْبَةَ: تَنْسِفُهُ. ابْنُ كَيْسَانَ: تَذْهَبُ بِهِ وَتَجِيءُ. ابْنُ عَبَّاسٍ: تُدِيرُهُ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ" تُذْرِيهِ الرِّيحُ". قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ" تُذْرِيهِ". يُقَالُ: ذَرَتْهُ الرِّيحُ تَذْرُوهُ ذروا و [تذريه] ذريا وأذريه تُذْرِيهِ إِذْرَاءً إِذَا طَارَتْ بِهِ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ: أَذْرَيْتُ الرَّجُلَ عَنْ فَرَسِهِ أَيْ قَلَبْتُهُ. وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ وَالْفَرَّاءُ:
فَقُلْتُ لَهُ صَوِّبْ وَلَا تَجْهِدَنَّهُ ... فَيُذْرِكَ «2» مِنْ أُخْرَى الْقَطَاةُ فَتَزْلَقِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) مِنَ الإنشاء والإفناء والأحياء، سبحانه.
الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (46)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا) وَيَجُوزُ" زِينَتَا" وَهُوَ خَبَرُ الِابْتِدَاءِ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْإِفْرَادِ. وَإِنَّمَا كَانَ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِأَنَّ فِي الْمَالِ جَمَالًا وَنَفْعًا، وَفِي الْبَنِينَ قُوَّةً وَدَفْعًا، فَصَارَا زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، لَكِنَّ معقرينة الصفة للمال