وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (5)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً) هم الْيَهُودُ، قَالُوا عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، وَالنَّصَارَى قَالُوا الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَقُرَيْشٌ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ. فَالْإِنْذَارُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ عَامٌّ، وَهَذَا خَاصٌّ فِيمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلَدٌ. (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) " مِنْ" صِلَةٌ، أَيْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ الْقَوْلِ عِلْمٌ، لِأَنَّهُمْ مُقَلِّدَةٌ قَالُوهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ. (وَلا لِآبائِهِمْ) أَيْ أَسْلَافِهِمْ. (كَبُرَتْ كَلِمَةً) " كَلِمَةً" نُصِبَ عَلَى الْبَيَانِ، أَيْ كَبُرَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ كَلِمَةً. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ" كَلِمَةً" بِالرَّفْعِ، أَيْ عَظُمَتْ كَلِمَةٌ، يَعْنِي قَوْلَهُمُ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا. وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِضْمَارٍ. يُقَالُ: كَبُرَ الشَّيْءُ إِذَا عَظُمَ. وَكَبُرَ الرَّجُلُ إِذَا أَسَنَّ. (تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ. (إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) أَيْ ما يقولون إلا كذبا.
فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (6)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ) " باخِعٌ" أَيْ مُهْلِكٌ وَقَاتِلٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ." آثارِهِمْ" جَمْعُ أَثَرٍ، وَيُقَالُ إِثْرٌ. وَالْمَعْنَى: عَلَى أَثَرِ تَوَلِّيهِمْ وَإِعْرَاضِهِمْ عَنْكَ. (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ) أَيِ الْقُرْآنِ. (أَسَفاً) أَيْ حُزْنًا وَغَضَبًا عَلَى كُفْرِهِمْ، وَانْتَصَبَ على التفسير.
[سورة الكهف (18): آية 7]
إِنَّا جَعَلْنا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (7)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّا جَعَلْنا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها) فِيهِ مسألتان: