وقال امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَرَانَا مُوضِعِينَ لِأَمْرِ غَيْبٍ «1» ... وَنُسْحَرُ بِالطَّعَامِ وَبِالشَّرَابِ
أَيْ نُغَذَّى وَنُعَلَّلُ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: مَنْ هَذِهِ الَّتِي تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سحري ونحرى «2».
انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (48)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) عَجَّبَهُ مِنْ صُنْعِهِمْ كَيْفَ يَقُولُونَ تَارَةً سَاحِرٌ وَتَارَةً مَجْنُونٌ وَتَارَةً شَاعِرٌ. (فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) أَيْ حِيلَةً فِي صَدِّ النَّاسِ عَنْكَ. وَقِيلَ: ضَلُّوا عَنِ الْحَقِّ فَلَا يَجِدُونَ سَبِيلًا، أَيْ إِلَى الْهُدَى. وَقِيلَ: مَخْرَجًا، لِتَنَاقُضِ كَلَامِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ: مَجْنُونٌ، سَاحِرٌ، شَاعِرٌ.
[سورة الإسراء (17): آية 49]
وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (49)
قوله تعالى: (أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً) أَيْ قَالُوا وَهُمْ يَتَنَاجَوْنَ لَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ وَسَمِعُوا أَمْرَ الْبَعْثِ: لَوْ لم يكن مسحورا لَمَا قَالَ هَذَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرُّفَاتُ الْغُبَارُ. مُجَاهِدٌ: التُّرَابُ. وَالرُّفَاتُ مَا تَكَسَّرَ وَبَلِيَ من كل شي، كَالْفُتَاتِ وَالْحُطَامِ وَالرُّضَاضِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَالْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ وَالْأَخْفَشِ. تَقُولُ مِنْهُ: رُفِتَ الشَّيْءُ رَفْتًا، أي حطم، فهو مرفوت. (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) " أَإِنَّا" استفهام والمراد به الجحد والإنكار. و" خَلْقاً" نُصِبَ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، أَيْ بَعْثًا جَدِيدًا. وَكَانَ هذا غاية الإنكار منهم.