تفسير القرطبي (صفحة 3977)

وَالْخَطَأُ الِاسْمُ يَقُومُ مَقَامَ الْإِخْطَاءِ، وَهُوَ ضِدُّ الصَّوَابِ. وَفِيهِ لُغَتَانِ: الْقَصْرُ وَهُوَ الْجَيِّدُ، وَالْمَدُّ وَهُوَ قَلِيلٌ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا" خَطْأً" بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَهَمْزَةٍ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَمَدِّ الْهَمْزَةِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَلَا أَعْرِفُ لِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَجْهًا، وَلِذَلِكَ جَعَلَهَا أَبُو حَاتِمٍ غَلَطًا. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: هِيَ مَصْدَرٌ مِنْ خَاطَأَ يُخَاطِئُ، وَإِنْ كُنَّا لَا نَجِدُ خَاطَأَ، وَلَكِنْ وَجَدْنَا تَخَاطَأَ، وَهُوَ مُطَاوِعُ خَاطَأَ، فَدَلَّنَا عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

تَخَاطَأَتِ النَّبْلُ أحشاءه ... وأخّر «1» يومى فلم أعجل

وَقَوْلُ الْآخَرِ فِي وَصْفِ مَهَاةٍ:

تَخَاطَأَهُ الْقَنَّاصُ حَتَّى وَجَدْتُهُ ... وَخُرْطُومُهُ فِي مَنْقَعِ الْمَاءِ رَاسِبُ

الْجَوْهَرِيُّ: تَخَاطَأَهُ أَيْ أَخْطَأَهُ، وَقَالَ أَوْفَى بْنُ مَطَرٍ الْمَازِنِيُّ:

أَلَا أَبْلِغَا خُلَّتِي جَابِرًا ... بِأَنَّ خَلِيلَكِ لَمْ يُقْتَلِ

تَخَاطَأَتِ النَّبْلُ أَحْشَاءَهُ ... وَأُخِّرَ «2» يَوْمِي فَلَمْ يَعْجَلِ

وَقَرَأَ الْحَسَنُ" خَطَاءً" بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالطَّاءِ وَالْمَدِّ فِي الْهَمْزَةِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُعْرَفُ هَذَا فِي اللُّغَةِ وَهِيَ غَلَطٌ غَيْرُ جَائِزٍ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ: الْخَطَأُ مِنْ أَخْطَأْتُ بِمَنْزِلَةِ الْعَطَاءِ مِنْ أَعْطَيْتُ، هُوَ اسْمٌ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا" خَطًّى" بفتح الخاء والطاء منونة من غير همزة.

[سورة الإسراء (17): آية 32]

وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً (32)

فِيهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: قَوْلُهُ تَعَالَى (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) أَبْلَغُ مِنْ أَنْ يَقُولَ: وَلَا تَزْنُوا، فَإِنَّ معناه لا تدنوا من الزنى. والزنى يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، لُغَتَانِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

كَانَتْ فَرِيضَةَ مَا تَقُولُ كَمَا ... كَانَ الزِّنَاءُ فَرِيضَةَ الرَّجْمِ

و (سَبِيلًا) نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ، التَّقْدِيرُ: وَسَاءَ سَبِيلُهُ سَبِيلًا. أي لأنه يؤدى إلى النار. والزنى مِنَ الْكَبَائِرِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ وَفِي قُبْحِهِ لَا سِيَّمَا بِحَلِيلَةِ الْجَارِ. وَيَنْشَأُ عَنْهُ اسْتِخْدَامُ ولد الغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015