تفسير القرطبي (صفحة 3787)

فَامْتَخَطَ «1» قَيْحًا فَقَتَلَهُ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي سَبَبِ مَوْتِهِمُ اخْتِلَافٌ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا. وَقِيلَ: إِنَّهُمُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:" فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ «2» " شَبَّهَ مَا أَصَابَهُمْ فِي مَوْتِهِمْ بِالسَّقْفِ الواقع عليهم، على ما يأتي.

[سورة الحجر (15): آية 96]

الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96)

هَذِهِ صِفَةُ الْمُسْتَهْزِئِينَ. وَقِيلَ: هُوَ ابْتِدَاءٌ وخبره" فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ".

[سورة الحجر (15): آية 97]

وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (97)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ) أَيْ قَلْبُكَ، لِأَنَّ الصَّدْرَ مَحَلُّ الْقَلْبِ. (بِما يَقُولُونَ) أَيْ بِمَا تَسْمَعُهُ مِنْ تَكْذِيبِكَ وَرَدِّ قولك، وتناله. ويناله أصحابك من أعدائك.

[سورة الحجر (15): الآيات 98 الى 99]

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)

فيه مسألتان: الاولى- قوله تعالى: (فَسَبِّحْ) أَيْ فَافْزَعْ إِلَى الصَّلَاةِ، فَهِيَ غَايَةُ التسبيح ونهاية التقديس. وذلك تفسير لقوله: (وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) لَا خَفَاءَ أَنَّ غَايَةَ الْقُرْبِ فِي الصَّلَاةِ حَالُ السُّجُودِ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَخْلِصُوا «3» الدُّعَاءَ). وَلِذَلِكَ خَصَّ السُّجُودَ بِالذِّكْرِ الثَّانِيَةُ: قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ هُنَا السُّجُودُ نَفْسَهُ، فَرَأَى هَذَا الْمَوْضِعَ مَحَلَّ سُجُودٍ فِي الْقُرْآنِ، وَقَدْ شَاهَدْتُ الْإِمَامَ بِمِحْرَابِ زَكَرِيَّا مِنَ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ طَهَّرَهُ اللَّهُ، يَسْجُدُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَسَجَدْتُ مَعَهُ فِيهَا، وَلَمْ يَرَهُ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ. قُلْتُ: قَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ أَنَّ هَاهُنَا سَجْدَةً عِنْدَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَيَمَانِ بن رئاب، وراي أنها واجبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015