تفسير القرطبي (صفحة 3729)

بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُنْظَرُوا. وَأَصْلُ" إِذاً" إِذْ أَنْ- وَمَعْنَاهُ حِينَئِذٍ- فَضُمَّ إِلَيْهَا أَنْ، وَاسْتَثْقَلُوا الهمزة فحذفوها.

[سورة الحجر (15): آية 9]

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) يَعْنِي الْقُرْآنَ. (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) مِنْ أَنْ يُزَادَ فِيهِ أَوْ يُنْقَصَ مِنْهُ. قَالَ قَتَادَةُ وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: حَفِظَهُ اللَّهُ مِنْ أَنْ تَزِيدَ فِيهِ الشَّيَاطِينُ بَاطِلًا أَوْ تَنْقُصَ مِنْهُ حَقًّا، فَتَوَلَّى سُبْحَانَهُ حِفْظَهُ فَلَمْ يَزَلْ مَحْفُوظًا، وَقَالَ فِي غَيْرِهِ:" بِمَا اسْتُحْفِظُوا «1» "، فَوَكَلَ حِفْظَهُ إِلَيْهِمْ فَبَدَّلُوا وَغَيَّرُوا. أَنْبَأَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ الشَّيْخِ الْفَقِيهِ الْإِمَامِ الْمُحَدِّثِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ خَلَفِ بْنِ مَعْزُوزٍ الْكَوْمِيِّ التِّلِمْسَانِيِّ قَالَ: قُرِئَ عَلَى الشَّيْخَةِ الْعَالِمَةِ «2» فَخْرِ النِّسَاءِ شُهْدَةَ بِنْتِ أَبِي نَصْرٍ «3» أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ الدِّينَوَرِيِّ وَذَلِكَ بِمَنْزِلِهَا بِدَارِ السَّلَامِ فِي آخِرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، قِيلَ لَهَا: أَخْبَرَكُمُ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ الْعَامِلُ نَقِيبُ النُّقَبَاءِ أَبُو الْفَوَارِسِ طَرَّادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتِ تَسْمَعِينَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ عِيسَى بن محمد بن أحمد ابن عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ الْمَعْرُوفُ بِالطُّومَارِيِّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ فَهْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ يَقُولُ: كَانَ لِلْمَأْمُونِ- وَهُوَ أَمِيرٌ إِذْ ذَاكَ- مَجْلِسُ نَظَرٍ، فَدَخَلَ فِي جُمْلَةِ النَّاسِ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ حَسَنُ الثَّوْبِ حَسَنُ الْوَجْهِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، قَالَ: فتكلم فأحسن الكلام والعبارة، قال: فلما أن تَقَوَّضَ الْمَجْلِسُ دَعَاهُ الْمَأْمُونُ فَقَالَ لَهُ: إِسْرَائِيلِيٌّ؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ لَهُ: أَسْلِمْ حَتَّى أَفْعَلَ بِكَ وَأَصْنَعَ، وَوَعَدَهُ. فَقَالَ: دِينِي وَدِينُ آبَائِي! وَانْصَرَفَ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَنَةٍ جَاءَنَا مُسْلِمًا، قَالَ: فَتَكَلَّمَ عَلَى الْفِقْهِ فَأَحْسَنَ الْكَلَامَ، فَلَمَّا تَقَوَّضَ الْمَجْلِسُ دَعَاهُ الْمَأْمُونُ وَقَالَ: أَلَسْتَ صَاحِبَنَا بِالْأَمْسِ؟ قَالَ لَهُ: بَلَى. قَالَ: فَمَا كَانَ سَبَبُ إِسْلَامِكَ؟ قَالَ: انْصَرَفْتُ مِنْ حَضْرَتِكَ فأحببت أن أمتحن هذه الأديان، وأنت (مع ما) «4» تراني حسن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015