تفسير القرطبي (صفحة 3720)

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً" «1» [نوح: 22] وَالْجِبَالُ لَا تَزُولُ وَلَكِنَّ الْعِبَارَةَ عَنْ تَعْظِيمِ الشيء هكذا تكون.

[سورة إبراهيم (14): آية 47]

فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ (47)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَ" مُخْلِفَ" مَفْعُولَا تَحْسِبَ، وَ" رُسُلَهُ" مَفْعُولُ" وَعْدِهِ" وَهُوَ عَلَى الِاتِّسَاعِ، وَالْمَعْنَى: مُخْلِفٌ وَعْدَهُ رُسُلَهُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

تَرَى الثَّوْرَ فِيهَا مُدْخِلَ الظِّلِّ رَأْسَهُ ... وَسَائِرَهُ بَادٍ إِلَى الشَّمْسِ أَجْمَعُ «2»

قَالَ الْقُتَبِيُّ: هُوَ مِنَ الْمُقَدَّمِ الَّذِي يُوَضِّحُهُ التَّأْخِيرُ، وَالْمُؤَخَّرِ الَّذِي يُوَضِّحُهُ التَّقْدِيمُ، وَسَوَاءٌ فِي قَوْلِكَ: مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ، وَمُخْلِفَ رُسُلِهِ وَعْدَهُ. (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ) أَيْ مِنْ أَعْدَائِهِ. وَمِنْ أَسْمَائِهِ الْمُنْتَقِمُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي" الْكِتَابِ الْأَسْنَى فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الحسنى".

[سورة إبراهيم (14): الآيات 48 الى 52]

يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (49) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (51) هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (52)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) أَيِ اذْكُرْ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ، فَتَكُونُ مُتَعَلِّقَةً بِمَا قَبْلَهُ. وَقِيلَ: هُوَ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ:" يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ" [إبراهيم: 41]. واختلف في كيفية تبديل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015