تفسير القرطبي (صفحة 3692)

الثَّعْلَبِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ. وَقَرَأَ ابْنُ [أَبِي] «1» إِسْحَاقَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ" فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ «2» ". (لَا يَقْدِرُونَ) يَعْنِي الْكُفَّارَ. (مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ) يُرِيدُ فِي الْآخِرَةِ، أَيْ مِنْ ثَوَابِ مَا عَمِلُوا مِنَ الْبِرِّ فِي الدُّنْيَا، لِإِحْبَاطِهِ بِالْكُفْرِ. (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) أَيِ الْخُسْرَانُ الْكَبِيرُ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُ كَبِيرًا بَعِيدًا لِفَوَاتِ اسْتِدْرَاكِهِ بِالْمَوْتِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) الرُّؤْيَةُ هُنَا رُؤْيَةُ الْقَلْبِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: أَلَمْ يَنْتَهِ عِلْمُكَ إِلَيْهِ؟. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ- خَالِقُ السَمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. وَمَعْنَى" بِالْحَقِّ" لِيَسْتَدِلَّ بِهَا عَلَى قُدْرَتِهِ. (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) أَيُّهَا النَّاسُ، أَيْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى الْإِفْنَاءِ كَمَا قَدَرَ عَلَى إِيجَادِ الْأَشْيَاءِ، فَلَا تَعْصُوهُ فَإِنَّكُمْ إِنْ عَصَيْتُمُوهُ (يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) أَفْضَلَ وَأَطْوَعَ مِنْكُمْ، إِذْ لَوْ كَانُوا مِثْلَ الْأَوَّلِينَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِبْدَالِ. (وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) أي منيع متعذر.

[سورة إبراهيم (14): الآيات 21 الى 22]

وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا مَا لَنا مِنْ مَحِيصٍ (21) وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (22)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015