تفسير القرطبي (صفحة 3600)

جَوَازِ إِظْهَارِ الْفَرَحِ بَعْدَ زَوَالِ الْغَمِّ وَالتَّرَحِ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ جَوَازُ حِذَاقَةِ (?) الصِّبْيَانِ، وَإِطْعَامِ الطعام فيها، وقد نَحَرَ عُمَرُ بَعْدَ [حِفْظِهِ] (?) سُورَةَ" الْبَقَرَةِ" جَزُورًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ذكرهم قوله:"نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ

" [يوسف: 86]. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالُوا يَا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، التَّقْدِيرُ: فَلَمَّا رَجَعُوا مِنْ مِصْرَ قَالُوا يَا أَبَانَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي قَالَ لَهُ:" تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ" بَنُو بَنِيهِ أَوْ غَيْرُهُمْ مِنْ قَرَابَتِهِ وَأَهْلِهِ لَا وَلَدُهُ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا غُيَّبًا، وَكَانَ يَكُونُ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْعُقُوقِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنَّمَا سَأَلُوهُ الْمَغْفِرَةَ، لِأَنَّهُمْ أَدْخَلُوا عَلَيْهِ مِنْ أَلَمِ الْحُزْنِ مَا لَمْ يَسْقُطِ الْمَأْثَمُ عَنْهُ إِلَّا بِإِحْلَالِهِ. قُلْتُ: وَهَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ فِيمَنْ آذَى مُسْلِمًا فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ظَالِمًا لَهُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ لَهُ (?) وَيُخْبِرَهُ بِالْمَظْلِمَةِ (?) وَقَدْرِهَا، وَهَلْ يَنْفَعُهُ التَّحْلِيلُ الْمُطْلَقُ أَمْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ، فَإِنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ بِمَظْلِمَةٍ لَهَا قَدْرٌ وَبَالٌ رُبَّمَا لَمْ تَطِبْ نَفْسُ الْمَظْلُومِ فِي التَّحَلُّلِ مِنْهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَنْ كَانَتْ لَهُ مظلمة لأخيه من عرضه أو شي فَلْيُحْلِلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَلَّا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ" قَالَ الْمُهَلَّبُ فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَخَذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ" يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَظْلِمَةُ مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ مُشَارًا إِلَيْهَا مُبَيَّنَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخَّرَ دُعَاءَهُ إِلَى السَّحَرِ. وَقَالَ الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: سَحَرُ لَيْلَةِ الْجُمْعَةِ، وَوَافَقَ ذَلِكَ لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ. وَفِي دُعَاءِ الْحِفْظِ- مِنْ كِتَابِ التِّرْمِذِيِّ- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا نحن عند رسول الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015