هُوَ فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ. قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وَهُمَا لُغَتَانِ جَيِّدَتَانِ، مِثْلُ الصِّبْيَانِ وَالصِّبْيَةِ قَالَ النَّحَّاسُ:" لِفِتْيانِهِ" مُخَالِفٌ لِلسَّوَادِ الْأَعْظَمِ، لِأَنَّهُ فِي السَّوَادِ لَا أَلِفَ فِيهِ وَلَا نُونَ، وَلَا يُتْرَكُ السَّوَادُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ لِهَذَا الْإِسْنَادِ الْمُنْقَطِعِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ فِتْيَةً أَشْبَهُ مِنْ فِتْيَانٍ، لِأَنَّ فِتْيَةً عِنْدَ الْعَرَبِ لِأَقَلِّ الْعَدَدِ، وَالْقَلِيلُ بِأَنْ يَجْعَلُوا الْبِضَاعَةَ فِي الرِّحَالِ أَشْبَهُ. وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةُ يُسَوُّونَ جَهَازَهُمْ، وَلِهَذَا أَمْكَنَهُمْ جَعْلُ بِضَاعَتِهِمْ فِي رِحَالِهِمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا أَحْرَارًا «1»، وكانوا أعوانا له، وبضاعتهم أَثْمَانُ مَا اشْتَرَوْهُ مِنَ الطَّعَامِ. وَقِيلَ: كَانَتْ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: النِّعَالُ وَالْأُدْمُ وَمَتَاعُ الْمُسَافِرِ، وَيُسَمَّى رَحْلًا، قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: يُقَالُ لِلْوِعَاءِ رَحْلٌ، وَلِلْبَيْتِ رَحْلٌ. وَقَالَ: (لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها) لِجَوَازِ أَلَّا تَسْلَمَ فِي الطَّرِيقِ. وَقِيلَ: إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَرْجِعُوا إِذَا وَجَدُوا ذَلِكَ، لِعِلْمِهِ أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ الطَّعَامَ إِلَّا بِثَمَنِهِ «2». قِيلَ: لِيَسْتَعِينُوا بِذَلِكَ عَلَى الرُّجُوعِ لِشِرَاءِ الطَّعَامِ. وَقِيلَ: اسْتَقْبَحَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَبِيهِ وَإِخْوَتِهِ ثَمَنَ الطَّعَامِ. وَقِيلَ: لِيَرَوْا فَضْلَهُ، وَيَرْغَبُوا فِي الرجوع إليه.
فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يَا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (63) قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يَا أَبانا مَا نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يَا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ) لِأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ:" فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي" وَأَخْبَرُوهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَإِكْرَامِهِمْ إِيَّاهُ، وَأَنَّ شَمْعُونَ مُرْتَهَنٌ حَتَّى يَعْلَمَ صِدْقَ قَوْلِهِمْ. (فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ) أي قالوا عند ذلك: