تفسير القرطبي (صفحة 3484)

الثَّانِيَةُ: وَرَوَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ (?) [مِنَ الْحَفْيَاءِ (?)] وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ (?) الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ مِمَّنْ سَابَقَ بِهَا، وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعَ صِحَّتِهِ فِي هَذَا الْبَابِ تَضَمَّنَ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ، فَلَا تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ بِدُونِهَا، وَهِيَ: أَنَّ الْمَسَافَةَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً. الثَّانِي- أَنْ تَكُونَ الْخَيْلُ مُتَسَاوِيَةَ الْأَحْوَالِ. الثَّالِثُ- أَلَّا يُسَابِقَ الْمُضَمَّرُ مَعَ غَيْرِ الْمُضَمَّرِ فِي أَمَدٍ وَاحِدٍ وَغَايَةٍ وَاحِدَةٍ. وَالْخَيْلُ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تُضَمَّرَ وَيُسَابَقُ عَلَيْهَا، وَتُقَامُ هَذِهِ السُّنَّةُ فِيهَا هِيَ الْخَيْلُ الْمُعَدَّةُ لِجِهَادِ الْعَدُوِّ لَا لِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْفِتَنِ. الثَّالِثَةُ- وَأَمَّا الْمُسَابَقَةُ بِالنِّصَالِ وَالْإِبِلِ، فَرَوَى مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَخَرَّجَ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" لَا سَبَقَ (?) إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ". وَثَبَتَ ذِكْرُ النَّصْلِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ، وَبِهِ يَقُولُ فُقَهَاءَ الْحِجَازُ وَالْعِرَاقُ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةٌ تُسَمَّى الْعَضْبَاءُ لَا تُسْبَقُ- قَالَ حميد: أولا تَكَادُ تُسْبَقُ- فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ فَسَبَقَهَا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى عَرَفَهُ، فَقَالَ:" حق على الله ألا يرتفع شي مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ". الرَّابِعَةُ- أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ (?) عَلَى أَنَّ السَّبَقَ لَا يَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الرِّهَانِ إِلَّا فِي الْخُفِّ وَالْحَافِرِ وَالنَّصْلِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا عَدَا هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَالسَّبَقُ فِيهَا قمار. وقد زاد أبو البختري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015