قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً) أَيْ فِي الدُّنْيَا. (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) أَيْ وَلَعْنَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى. (بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) حَكَى الْكِسَائِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: رَفَدْتُهُ أَرْفِدُهُ رَفْدًا، أَيْ أَعَنْتُهُ وَأَعْطَيْتُهُ. وَاسْمُ الْعَطِيَّةِ الرِّفْدُ، أَيْ بِئْسَ الْعَطَاءُ وَالْإِعَانَةُ. وَالرِّفْدُ أَيْضًا الْقَدَحُ الضَّخْمُ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَالتَّقْدِيرُ: بِئْسَ الرِّفْدُ رِفْدُ الْمَرْفُودِ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَنَّ الرَّفْدَ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْقَدَحُ، وَالرِّفْدِ بِكَسْرِهَا مَا فِي الْقَدَحِ مِنَ الشَّرَابِ، حُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، فَكَأَنَّهُ ذَمَّ بِذَلِكَ مَا يَسْقُونَهُ فِي النَّارِ. وَقِيلَ: إِنَّ الرِّفْدَ الزِّيَادَةُ، أَيْ بِئْسَ مَا يَرْفِدُونَ بِهِ بعد الغرق النار، قاله الكلبي.
ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَما نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104)
يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ مَا شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ مَا شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)