قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً) لَمَّا اسْتَعْجَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَذَابِ قَالَ اللَّهُ لَهُ: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا، أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ لِي وَلَا لِغَيْرِي. (إِلَّا مَا شاءَ اللَّهُ) أَنْ أَمْلِكَهُ وَأَقْدِرَ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ أَقْدِرُ أَنْ أَمْلِكَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ فَلَا تَسْتَعْجِلُوا. (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) أَيْ لِهَلَاكِهِمْ وَعَذَابِهِمْ وَقْتٌ مَعْلُومٌ فِي عِلْمِهِ سُبْحَانَهُ. (إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) أَيْ وَقْتُ انْقِضَاءِ أَجَلِهِمْ. (فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) أَيْ لَا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَسْتَأْخِرُوا سَاعَةً بَاقِينَ فِي الدُّنْيَا ولا يتقدمون فيؤخرون.
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (50)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً) ظَرْفَانِ، وَهُوَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِمْ:" مَتى هذَا الْوَعْدُ" وَتَسْفِيهٌ لِآرَائِهِمْ فِي اسْتِعْجَالِهِمُ الْعَذَابَ، أَيْ إِنْ أَتَاكُمُ الْعَذَابُ فَمَا نَفْعُكُمْ فِيهِ، وَلَا يَنْفَعُكُمُ الْإِيمَانُ حِينَئِذٍ. (مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّهْوِيلُ وَالتَّعْظِيمُ، أَيْ مَا أَعْظَمَ مَا يَسْتَعْجِلُونَ بِهِ، كَمَا يُقَالُ لِمَنْ يَطْلُبُ أَمْرًا يُسْتَوْخَمُ عَاقِبَتُهُ: مَاذَا تَجْنِي عَلَى نَفْسِكَ! وَالضَّمِيرُ فِي" مِنْهُ" قِيلَ: يَعُودُ عَلَى الْعَذَابِ، وَقِيلَ: يَعُودُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. قَالَ النَّحَّاسُ: إِنْ جَعَلْتَ الْهَاءَ فِي" مِنْهُ" تَعُودُ عَلَى الْعَذَابِ كَانَ لَكَ فِي" مَاذَا" تَقْدِيرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ" مَا" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَ" ذَا": بِمَعْنَى الَّذِي، وَهُوَ خَبَرُ" مَا" وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ. وَالتَّقْدِيرُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ" ماذا" اسما واحدا في موضع بالابتداء، واخبر فِي الْجُمْلَةِ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَإِنْ جَعَلْتَ الْهَاءَ فِي" مِنْهُ" تَعُودُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى جَعَلْتَ" مَا"، وَ" ذَا" شَيْئًا وَاحِدًا، وَكَانَتْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِ"- يَسْتَعْجِلُ"، وَالْمَعْنَى: أَيُّ شي يستعجل منه المجرمون من الله عز وجل.
[سورة يونس (10): آية 51]
أَثُمَّ إِذا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (51)