تفسير القرطبي (صفحة 3212)

وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْبَوْلِ) «1». احْتَجَّ الْآخَرُونَ بِخَلْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ لَمَّا أَعْلَمَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ فِيهِمَا قَذِرًا وَأَذًى ... الْحَدِيثَ. خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَسَيَأْتِي فِي سُورَةِ [طه] إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى «2». قَالُوا: وَلَمَّا لَمْ يُعِدْ مَا صَلَّى دَلَّ عَلَى أَنَّ إِزَالَتَهَا سُنَّةٌ وَصَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ، وَيُعِيدُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ طَلَبًا لِلْكَمَالِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ- قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَمَّا الْفَرْقُ بين القليل والكثير بقدر الدر هم البغلي «3»، [يعني كبار الدار هم الَّتِي هِيَ عَلَى قَدْرِ اسْتِدَارَةِ الدِّينَارِ [«4» قِيَاسًا عَلَى الْمَسْرُبَةِ «5» فَفَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُقَدَّرَاتِ لَا تَثْبُتُ قِيَاسًا فَلَا يُقْبَلُ هَذَا التَّقْدِيرُ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الَّذِي خَفَّفَ عَنْهُ فِي الْمَسْرُبَةِ رُخْصَةٌ لِلضَّرُورَةِ، وَالْحَاجَةُ وَالرُّخَصُ لَا يُقَاسَ عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنِ الْقِيَاسِ فَلَا ترد إليه.

[سورة التوبة (9): آية 109]

أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109)

فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَمَنْ أَسَّسَ) أَيْ أَصَّلَ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّقْرِيرُ. وَ" مَنْ" بِمَعْنَى الَّذِي، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ" خَيْرٌ". وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَجَمَاعَةٌ" أَسَّسَ بُنْيانَهُ" عَلَى بِنَاءِ أُسِّسَ لِلْمَفْعُولِ وَرَفْعِ بُنْيَانُ فِيهِمَا. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ] وَجَمَاعَةٌ [«6» " أَسَّسَ بُنْيانَهُ" عَلَى بِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ وَنَصْبِ بُنْيَانَهُ فِيهِمَا، وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ لِكَثْرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِ، وَأَنَّ الْفَاعِلَ سُمِّيَ فِيهِ. وَقَرَأَ نَصْرُ بْنُ عاصم بن علي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015