الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ) قِيلَ: مَعْنَاهُ التَّأْكِيدُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بأيديهم" (?) [البقرة: 79] وقوله:" وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ" (?) [الانعام: 38] وَقَوْلُهُ:" فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ" (?) [الحاقة: 13] وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلٌ سَاذَجٌ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ وَلَا بُرْهَانٌ، وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلٌ بِالْفَمِ مُجَرَّدٌ نَفْسِ دَعْوَى لَا مَعْنَى تَحْتَهُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً فَكَيْفَ يَزْعُمُونَ أَنَّ لَهُ وَلَدًا، فَهُوَ كَذِبٌ وَقَوْلٌ لِسَانِيٌّ فقط بخلاف الأقوال الصحيحة التي تعضد ها الْأَدِلَّةُ وَيَقُومُ عَلَيْهَا الْبُرْهَانُ. قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلًا مَقْرُونًا بِذِكْرِ الْأَفْوَاهِ وَالْأَلْسُنِ إِلَّا وَكَانَ قَوْلًا زُورًا، كَقَوْلِهِ:" يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ" (?) [آل عمران: 167] وَ" كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً" (?) [الكهف: 5] وَ" يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ" [الفتح: 11] (?). الخامسة- قوله تعالى: (يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) " يُضاهِؤُنَ" يُشَابِهُونَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ: امْرَأَةٌ ضَهْيَأٌ لِلَّتِي لَا تَحِيضُ أَوِ الَّتِي لَا ثَدْيَ لَهَا، كَأَنَّهَا أَشْبَهَتِ الرِّجَالَ. وَلِلْعُلَمَاءِ فِي" قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا" ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ- قَوْلُ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ: اللَّاتُ وَالْعُزَّى وَمَنَاةُ الثَّالِثَةُ الْأُخْرَى. الثَّانِي- قَوْلُ الْكَفَرَةِ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ. الثَّالِثُ- قَوْلُ أَسْلَافِهِمْ، فَقَلَّدُوهُمْ فِي الْبَاطِلِ وَاتَّبَعُوهُمْ عَلَى الْكُفْرِ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:" إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ" (?) [الزخرف: 23]. السَّادِسَةُ- اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ (?) فِي" ضَهْيَأٍ" هَلْ يُمَدُّ أَوْ لَا، فَقَالَ ابْنُ وَلَّادٍ: امْرَأَةٌ ضَهْيَأٌ، وَهِيَ الَّتِي لَا تَحِيضُ، مَهْمُوزٌ غَيْرُ مَمْدُودٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُدُّ وَهُوَ سِيبَوَيْهِ فَيَجْعَلُهَا عَلَى فَعَلَاءَ بِالْمَدِّ، وَالْهَمْزَةُ فِيهَا زَائِدَةٌ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ نِسَاءٌ ضُهْيٌ فَيَحْذِفُونَ الْهَمْزَةَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قال لي