فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى:" قاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ" إِلَى قَوْلِهِ:" وَهُمْ صاغِرُونَ" أَيَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّغَارِ فِي عُنُقِ أَحَدِهِمْ فَيَنْتَزِعُهُ فَيَجْعَلُهُ فِي عُنُقِهِ! وَقَالَ كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ اشْتَرَيْتُ أَرْضًا قَالَ الشِّرَاءُ حَسَنٌ. قُلْتُ: فَإِنِّي أُعْطِي عَنْ كُلِّ جَرِيبِ «1» أَرْضٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزَ طَعَامٍ. قَالَ: لَا تَجْعَلُ فِي عُنُقِكَ صَغَارًا. وَرَوَى مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي الْأَرْضَ كُلَّهَا بِجِزْيَةِ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ أُقِرُّ فِيهَا بِالصَّغَارِ عَلَى نَفْسِي.
وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)
فيه سبع مسائل: الاولى- قَرَأَ عَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ" عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ" بِتَنْوِينِ عُزَيْرٌ. وَالْمَعْنَى أَنَّ" ابْنًا" عَلَى هَذَا خَبَرُ ابْتِدَاءٍ عَنْ عُزَيْرٌ وَ" عُزَيْرٌ" يَنْصَرِفُ عَجَمِيًّا كَانَ أَوْ عَرَبِيًّا. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ" عُزَيْرُ ابْنُ" بِتَرْكِ التَّنْوِينِ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ، وَمِنْهُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ" قل هو الله أحد الله الصمد" «2» [الإخلاص: 2 - 1]. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الشِّعْرِ. وَأَنْشَدَ الطَّبَرِيُّ فِي ذَلِكَ:
لَتَجِدَنِّي بِالْأَمِيرِ بَرَّا ... وَبِالْقَنَاةِ مِدْعَسًا «3» مِكَرَّا
إِذَا غُطَيْفُ السُّلَمِيُّ فَرَّا
الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقالَتِ الْيَهُودُ) هَذَا لَفْظٌ خَرَجَ عَلَى الْعُمُومِ وَمَعْنَاهُ الْخُصُوصُ، لِأَنَّ لَيْسَ كُلُّ الْيَهُودِ قَالُوا ذَلِكَ. وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تعالى:" الَّذِينَ قالَ لَهُمُ