قوله تعالى: (لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) " يَرْقُبُوا" يُحَافِظُوا. وَالرَّقِيبُ الْحَافِظُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ (?). (إِلًّا) عَهْدًا، عَنْ مُجَاهِدٍ وَابْنِ زَيْدٍ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ: قَرَابَةً. الْحَسَنُ: جِوَارًا. قتادة: حلفا، و" ذِمَّةً" عَهْدًا. أَبُو عُبَيْدَةَ: يَمِينًا. وَعَنْهُ أَيْضًا: إِلَّا الْعَهْدَ، وَالذِّمَّةُ التَّذَمُّمُ. الْأَزْهَرِيُّ: اسْمُ اللَّهِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْأَلِيلِ وَهُوَ الْبَرِيقُ، يُقَالُ أَلَّ لونه يول أَلًّا، أَيْ صَفَا وَلَمَعَ. وَقِيلَ: أَصْلُهُ مِنَ الْحِدَّةِ، وَمِنْهُ الْأَلَّةُ لِلْحَرْبَةِ، وَمِنْهُ أُذُنٌ مُؤَلَّلَةٌ أَيْ مُحَدَّدَةٌ. وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ يَصِفُ أُذُنَيْ نَاقَتِهِ بِالْحِدَّةِ وَالِانْتِصَابِ:
مُؤَلَّلَتَانِ تَعْرِفُ الْعِتْقَ فِيهِمَا ... كَسَامِعَتَيْ شَاةٍ بِحَوْمَلَ مُفْرَدِ (?)
فَإِذَا قِيلَ لِلْعَهْدِ وَالْجِوَارِ وَالْقَرَابَةِ" إِلٌّ" فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأُذُنَ تُصْرَفُ إِلَى تِلْكَ الْجِهَةِ، أَيْ تُحَدَّدُ لَهَا. وَالْعَهْدُ يُسَمَّى" إِلًّا" لِصَفَائِهِ وَظُهُورِهِ. وَيُجْمَعُ فِي الْقِلَّةِ آلَالٌ. وَفِي الْكَثْرَةِ إِلَالٌ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: الْإِلُّ بِالْكَسْرِ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْإِلُّ أَيْضًا الْعَهْدُ وَالْقَرَابَةُ. قَالَ حَسَّانُ:
لَعَمْرِكَ إِنَّ إِلَّكَ مِنْ قُرَيْشٍ ... كَإِلِّ السَّقْبِ مِنْ رَأَلِ النَّعَامِ (?)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا ذِمَّةً) أَيْ عَهْدًا. وَهِيَ كُلُّ حُرْمَةٍ يَلْزَمُكَ إِذَا ضَيَّعْتَهَا ذَنْبٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ: الذِّمَّةُ الْعَهْدُ. وَمَنْ جَعَلَ الْإِلَّ الْعَهْدَ فَالتَّكْرِيرُ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرٌ: الذِّمَّةُ التَّذَمُّمُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الذِّمَّةُ الْأَمَانُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ). وَجَمْعُ ذِمَّةٍ ذِمَمٌ. وَبِئْرٌ ذَمَّةٌ (بِفَتْحِ الذَّالِ) قَلِيلَةُ الْمَاءِ، وَجَمْعُهَا ذِمَامٌ. قَالَ ذُو الرِّمَّةِ: