الجزء الثامن
بسم الله الرحمن الرحيم
[تتمة تفسير سورة الأنفال]
وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)
ققوله تَعَالَى: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ). فِيهِ سِتٌّ «1» وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً: الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى" وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ" الْغَنِيمَةُ فِي اللُّغَةِ مَا يَنَالُهُ الرَّجُلُ أَوِ الْجَمَاعَةُ بِسَعْيٍ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَقَدْ طَوَّفْتُ فِي الْآفَاقِ حَتَّى ... رَضِيتُ مِنَ الْغَنِيمَةِ بِالْإِيَابِ
وَقَالَ آخَرُ:
وَمُطْعَمُ الْغُنْمِ يَوْمَ الْغُنْمِ مُطْعَمُهُ ... أَنَّى تَوَجَّهَ وَالْمَحْرُومُ مَحْرُومُ
وَالْمَغْنَمُ وَالْغَنِيمَةُ بِمَعْنًى، يُقَالُ: غَنِمَ الْقَوْمُ غُنْمًا. وَاعْلَمْ أَنَّ الِاتِّفَاقَ حَاصِلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:" غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ" مَالُ الْكُفَّارِ إِذَا ظَفِرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وَجْهِ الْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ. وَلَا تَقْتَضِي اللُّغَةُ هَذَا التَّخْصِيصَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ «2»، وَلَكِنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ قَيَّدَ اللَّفْظَ بِهَذَا النَّوْعِ. وَسَمَّى الشَّرْعُ الْوَاصِلَ مِنَ الْكُفَّارِ إِلَيْنَا مِنَ الْأَمْوَالِ بِاسْمَيْنِ: غَنِيمَةً وَفَيْئًا. فَالشَّيْءُ الَّذِي يَنَالُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ عَدُوِّهِمْ بِالسَّعْيِ وَإِيجَافِ «3» الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ يُسَمَّى غَنِيمَةً. وَلَزِمَ هذا الاسم هذا