تفسير القرطبي (صفحة 2903)

وَقِيلَ: لَا يَسْجُدُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ. وَقِيلَ: يَسْجُدُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَا يَسْجُدُ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالُ فِي مَذْهَبِنَا. وَسَبَبُ الْخِلَافِ مُعَارَضَةُ مَا يَقْتَضِيهِ سَبَبُ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ مِنَ السُّجُودِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ. وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. السَّادِسَةُ- فَإِذَا سَجَدَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ احْطُطْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاكْتُبْ لِي بِهَا أَجْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا. رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَكَرَهُ ابْنُ مَاجَهْ. السَّابِعَةُ- فَإِنْ قَرَأَهَا فِي صَلَاةٍ، فَإِنْ كَانَ فِي نَافِلَةٍ سَجَدَ إِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ وَأَمِنَ التَّخْلِيطَ فِيهَا. وَإِنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ لَا يَأْمَنُ ذَلِكَ فِيهَا فَالْمَنْصُوصُ جَوَازُهُ. وَقِيلَ: لَا يَسْجُدُ. وَأَمَّا فِي الْفَرِيضَةِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ النَّهْيُ عَنْهُ فِيهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ صَلَاةَ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ، جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى. وَهُوَ مُعَلَّلٌ بِكَوْنِهَا زِيَادَةً فِي أَعْدَادِ سُجُودِ الْفَرِيضَةِ. وَقِيلَ: مُعَلَّلٌ بِخَوْفِ التَّخْلِيطِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَهَذَا أَشْبَهُ. وَعَلَى هَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْفُرَادَى وَلَا الْجَمَاعَةُ الَّتِي يَأْمَنُ فِيهَا التَّخْلِيطَ. الثَّامِنَةُ- رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ، فَقَرَأَ" إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ" فَسَجَدَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ. انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ. وَفِيهِ:" وَقِيلَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: الرَّجُلُ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَجْلِسْ لَهَا؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ قَعَدَ لَهَا! كَأَنَّهُ لَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَلْمَانُ: مَا لِهَذَا غَدَوْنَا (?). وَقَالَ عُثْمَانُ (?): إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَهَا. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَسْجُدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا، فَإِذَا سَجَدْتَ وَأَنْتَ فِي حَضَرٍ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، فَإِنْ كُنْتَ رَاكِبًا فَلَا عَلَيْكَ، حَيْثُ كَانَ وَجْهُكَ. وَكَانَ السَّائِبُ لَا يسجد لسجود القاص (?) " والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015