وعن مجاهد هذا أَيْضًا: كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ بِحَاجَتِهِمْ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:" لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ". وَقَدْ مَضَى فِي الْفَاتِحَةِ الِاخْتِلَافُ فِي قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الْإِمَامِ. وَيَأْتِي فِي" الْجُمُعَةِ «1» " حُكْمُ الْخُطْبَةِ، إِنْ شَاءَ الله تعالى.
وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (205)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) 20 نَظِيرُهُ" ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً «2» " وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي مَعْنَى" وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ 20" أَنَّهُ فِي الدُّعَاءِ. قُلْتُ: قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَعْنِي بِالذِّكْرِ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى اقْرَأِ الْقُرْآنَ بِتَأَمُّلٍ وَتَدَبُّرٍ." تَضَرُّعاً" مَصْدَرٌ، وَقَدْ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ." وَخِيفَةً" مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ. وَجَمْعُ خِيفَةٍ خِوَفٌ، لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْخَوْفِ، ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. وَأَصْلُ خِيفَةٍ خِوْفَةٌ، قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا. خَافَ الرَّجُلُ يَخَافُ خَوْفًا وَخِيفَةً وَمَخَافَةً، فَهُوَ خَائِفٌ، وَقَوْمٌ خُوَّفٌ عَلَى الْأَصْلِ، وَخُيَّفٌ عَلَى اللَّفْظِ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ أَنَّهُ يُقَالُ أَيْضًا فِي جمع خيفة خيف. قال الجوهري: والجيفة الْخَوْفُ، وَالْجَمْعُ خِيَفٌ، وَأَصْلُهُ الْوَاوُ. (وَدُونَ الْجَهْرِ) 20 أَيْ دُونَ الرَّفْعِ فِي الْقَوْلِ. أَيْ أَسْمِعْ نَفْسَكَ، كَمَا قَالَ:" وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا «3» 110" أَيْ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ. وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ مَمْنُوعٌ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) 20 قَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: الْآصَالُ الْعَشِيَّاتُ. وَالْغُدُوُّ جَمْعُ غدوة. وقرا أبو مجلز" بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ 20" وَهُوَ مَصْدَرُ آصَلْنَا، أَيْ دَخَلْنَا فِي الْعَشِيِّ. وَالْآصَالُ جَمْعُ أُصُلٍ، مِثْلَ طُنُبٍ وَأَطْنَابٍ، فَهُوَ جمع الجمع، والواحد أصيل، جميع على أصل، عن الزجاج.