عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:" فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ" قَالُوا: حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ. وَقِيلَ لَهُمْ:" ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً" فَدَخَلُوا مُتَوَرِّكِينَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ. بِما كانُوا يَظْلِمُونَ مَرْفُوعٌ، لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ وَمَوْضِعُهُ نَصْبٌ. وَ" مَا" بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، أَيْ بِظُلْمِهِمْ. وَقَدْ مَضَى فِي" الْبَقَرَةِ" مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْمَعَانِي وَالْأَحْكَامِ «1». وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164)
قوله تعالى: (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ) أَيْ عَنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، فَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِهَا لَمَّا كَانَتْ مُسْتَقَرًّا لَهُمْ أَوْ سبب اجتماعهم. نظيره" وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها «2» ". وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) يَعْنِي أَهْلَ الْعَرْشِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَرَحًا وَاسْتِبْشَارًا «3» بِقُدُومِهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. أَيْ وَاسْأَلِ الْيَهُودَ الَّذِينَ هُمْ جِيرَانُكَ عَنْ أَخْبَارِ أَسْلَافِهِمْ وَمَا مَسَخَ الله منهم قردة وخنازير. هذا سُؤَالُ تَقْرِيرٍ وَتَوْبِيخٍ. وَكَانَ ذَلِكَ عَلَامَةً لِصِدْقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى تِلْكَ الْأُمُورِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ. وَكَانُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، لِأَنَّا مِنْ سِبْطِ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ، وَمِنْ سِبْطِ إِسْرَائِيلَ وَهُمْ بِكْرُ»
اللَّهِ، وَمِنْ سِبْطِ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ، وَمِنْ سِبْطِ وَلَدِهِ عُزَيْرٍ، فَنَحْنُ مِنْ أَوْلَادِهِمْ. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ: سَلْهُمْ يَا مُحَمَّدُ عَنِ الْقَرْيَةِ، أَمَا عَذَّبْتُهُمْ بِذُنُوبِهِمْ، وذلك بتغيير فرع من فروع الشريعة.