تفسير القرطبي (صفحة 2805)

(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) تهديدا لَهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ فِرْعَوْنُ أَوَّلَ مَنْ صَلَبَ، وَقَطَعَ الْأَيْدِيَ وَالْأَرْجُلَ مِنْ خِلَافٍ، الرِّجْلُ الْيُمْنَى وَالْيَدُ الْيُسْرَى، وَالْيَدُ الْيُمْنَى وَالرِّجْلُ الْيُسْرَى، عَنِ الْحَسَنِ. (وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا) قَرَأَ الْحَسَنُ بِفَتْحِ الْقَافِ. قَالَ الْأَخْفَشُ: هِيَ لُغَةٌ يُقَالُ: نَقِمْتُ الْأَمْرَ وَنَقَمْتُهُ أَنْكَرْتُهُ، أَيْ لَسْتَ تَكْرَهُ مِنَّا سِوَى أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَهُوَ الْحَقُّ. (لَمَّا جاءَتْنا) آيَاتُهُ وَبَيِّنَاتُهُ. (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) الْإِفْرَاغُ الصَّبُّ، أَيِ اصْبُبْهُ عَلَيْنَا عِنْدَ الْقَطْعِ وَالصَّلْبِ. (وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ) فَقِيلَ: إِنَّ فِرْعَوْنَ أَخَذَ السَّحَرَةَ وَقَطَّعَهُمْ عَلَى شَاطِئِ النَّهَرِ، وَإِنَّهُ آمَنَ بموسى عند إيمان ستمائة ألف.

[سورة الأعراف (7): الآيات 127 الى 128]

وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ (127) قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) أَيْ بِإِيقَاعِ الْفُرْقَةِ وَتَشْتِيتِ الشَّمْلِ. (وَيَذَرَكَ) بِنَصْبِ الرَّاءِ جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ، وَالْوَاوُ نَائِبَةٌ عَنِ الْفَاءِ. (وَآلِهَتَكَ) قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ فِرْعَوْنُ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، فَكَانَ يَعْبُدُ وَيُعْبَدُ. قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يَعْبُدُ الْبَقَرَ قَالَ التَّيْمِيُّ: فَقُلْتُ لِلْحَسَنِ هَلْ كَانَ فِرْعَوْنُ يَعْبُدُ شَيْئًا؟ قَالَ نَعَمْ، إِنَّهُ كَانَ يَعْبُدُ «1» شَيْئًا كان قد جعل فِي عُنُقِهِ. وَقِيلَ: مَعْنَى" وَآلِهَتَكَ" أَيْ وَطَاعَتَكَ، كما قيل في قول: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ «2» " إِنَّهُمْ مَا عَبَدُوهُمْ وَلَكِنْ أَطَاعُوهُمْ، فَصَارَ تَمْثِيلًا. وَقَرَأَ نُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ" وَيَذَرُكَ" بِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ وَهُوَ يَذَرُكَ. وَقَرَأَ الْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ" وَيَذَرْكَ" مَجْزُومًا مُخَفَّفَ يَذَرُكَ لِثِقَلِ الضَّمَّةِ. وَقَرَأَ أَنَسُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015