تفسير القرطبي (صفحة 2800)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ) أَيْ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَهُودٍ «1» وَصَالِحٍ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ. (مُوسى) أي موسى بن عمران (بِآياتِنا) أي بِمُعْجِزَاتِنَا. (فَظَلَمُوا بِها) أَيْ كَفَرُوا وَلَمْ يُصَدِّقُوا بِالْآيَاتِ. وَالظُّلْمُ: وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. قوله تعالى: (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) أَيْ آخِرَ أمرهم.

[سورة الأعراف (7): الآيات 104 الى 112]

وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (105) قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108)

قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَماذا تَأْمُرُونَ (110) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (112)

حَقِيقٌ عَلى «2» أَيْ وَاجِبٌ. وَمَنْ قَرَأَ" عَلَى أَلَّا" فَالْمَعْنَى حَرِيصٌ عَلَى أَلَّا أَقُولَ. وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ" حَقِيقٌ أَلَّا أَقُولَ" بِإِسْقَاطِ" عَلَى". وَقِيلَ:" عَلى " بِمَعْنَى الْبَاءِ، أَيْ حَقِيقٌ بِأَلَّا أَقُولَ. وَكَذَا فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ وَالْأَعْمَشِ" بِأَلَّا أَقُولَ". كَمَا تَقُولُ: رَمَيْتُ بِالْقَوْسِ وَعَلَى الْقَوْسِ. فَ" حَقِيقٌ" على هذا بمعنى محقوق. ومعنى" فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ" أَيْ خَلِّهِمْ. وَكَانَ يَسْتَعْمِلُهُمْ «3» فِي الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ. (فَأَلْقى عَصاهُ) يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَجْسَامِ وَالْمَعَانِي. وَقَدْ تَقَدَّمَ «4». وَالثُّعْبَانُ: الْحَيَّةُ الضخم الذكر، وهو أعظم الحيات. (مبين)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015