تفسير القرطبي (صفحة 2795)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) أَيْ عَلِمَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ." عِلْماً" نصب على التمييز." وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها" أَيْ فِي الْقَرْيَةِ بَعْدَ أَنْ كَرِهْتُمْ مُجَاوَرَتَنَا، بَلْ نَخْرُجُ مِنْ قَرْيَتِكُمْ مُهَاجِرِينَ إِلَى غَيْرِهَا." إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ" رَدَّنَا إِلَيْهَا. وَفِيهِ بُعْدٌ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: عَادَ لِلْقَرْيَةِ وَلَا يُقَالُ عَادَ فِي الْقَرْيَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا) أَيِ اعْتَمَدْنَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ «1». (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ) قَالَ قَتَادَةُ: بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أُمَّتَيْنِ: أَهْلِ مَدْيَنَ، وَأَصْحَابِ الْأَيْكَةِ «2». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكَانَ شُعَيْبٌ كَثِيرَ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا (طَالَ «3») تَمَادِي قَوْمِهِ فِي كُفْرِهِمْ وَغَيِّهِمْ، وَيَئِسَ مِنْ صَلَاحِهِمْ، دَعَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ:" رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ «4» " فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ فَأَهْلَكَهُمْ بالرجفة.

[سورة الأعراف (7): الآيات 90 الى 93]

وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (90) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ (93)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) أَيْ قَالُوا لِمَنْ دُونَهُمْ. (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) أَيْ هَالِكُونَ. (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) أَيِ الزَّلْزَلَةُ. وَقِيلَ: الصَّيْحَةُ. وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُهْلِكُوا بِالظُّلَّةِ «5»، عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: قِيلَ هَذَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ، أَيِ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا صاروا كأنهم لم يزالوا موتى." يَغْنَوْا" يقيموا، يقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015