الدِّرْهَمِ رِطْلَ لَحْمٍ، صِفَتُهُ كَذَا، فَاشْتَرَى لَهُ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ بِذَلِكَ الدِّرْهَمِ. فَالَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ الْجَمِيعَ يَلْزَمُهُ إِذَا وَافَقَ الصِّفَةَ وَمِنْ جِنْسِهَا، لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي. وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ. قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) " أَيْ لَا تَحْمِلُ حَامِلَةُ ثِقَلٍ أُخْرَى، أَيْ لَا تُؤْخَذُ نَفْسٌ بِذَنْبِ غَيْرِهَا، بَلْ كُلُّ نَفْسٍ مَأْخُوذَةٌ بِجُرْمِهَا وَمُعَاقَبَةٌ بِإِثْمِهَا. وَأَصْلُ الْوِزْرِ الثِّقَلُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (?) ". وَهُوَ هُنَا الذَّنْبُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ". وَقَدْ تَقَدَّمَ (?). قَالَ الْأَخْفَشُ: يُقَالُ وَزِرَ يَوْزَرُ، وَوَزَرَ يَزِرُ، وَوُزِرَ يُوزَرُ وَزَرًا. وَيَجُوزُ إِزْرًا، كَمَا يُقَالُ: إِسَادَةٌ (?). وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ المغيرة، كان يقول: اتبعوا سبيلي أحمل أو زاركم، ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ رَدًّا عَلَى الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ مُؤَاخَذَةِ الرَّجُلِ بِأَبِيهِ وَبِابْنِهِ وَبِجَرِيرَةِ حَلِيفِهِ. قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي الْآخِرَةِ، وَكَذَلِكَ الَّتِي قَبْلَهَا، فَأَمَّا الَّتِي (?) فِي الدُّنْيَا فَقَدْ يُؤَاخَذُ فِيهَا بَعْضُهُمْ بِجُرْمِ بَعْضٍ، لَا سِيَّمَا إِذَا لَمْ يَنْهَ الطَّائِعُونَ الْعَاصِينَ، كَمَا تَقَدَّمَ في حديث أبي بكر في قول:" عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ (?) ". وَقَوْلُهُ تَعَالَى:" وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً (?) "." إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ (?) ". وَقَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: (نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ). قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ أَوْلَادُ الزِّنَى. وَالْخَبَثُ (بِفَتْحِ الْبَاءِ) اسْمٌ لِلزِّنَى. فَأَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَةَ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ حَتَّى لَا يُطَلَّ (?) دَمُ الْحُرِّ (?) الْمُسْلِمِ تَعْظِيمًا لِلدِّمَاءِ. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ بينهم في ذلك ز، فَدَلَّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ. وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الدُّنْيَا، فِي أَلَّا يُؤَاخَذَ زَيْدٌ بِفِعْلِ عَمْرٍو، وَأَنَّ كُلَّ مُبَاشِرٍ لِجَرِيمَةٍ فَعَلَيْهِ مَغَبَّتُهَا. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ، انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ