تفسير القرطبي (صفحة 2695)

وَذَهَبَتْ بَعْضُ أَصَابِعِهِ «1». وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْأَعْمَشُ" فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها". وَالتَّقْدِيرُ: فَلَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ أَمْثَالُهَا، أَيْ لَهُ مِنَ الْجَزَاءِ عَشَرَةُ أَضْعَافٍ مِمَّا يَجِبُ لَهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ، وَيُضَاعَفُ الْمِثْلُ فَيَصِيرُ عَشَرَةً. وَالْحَسَنَةُ هُنَا: الْإِيمَانُ. أَيْ مَنْ جَاءَ بِشَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَلَهُ بِكُلِّ عَمَلٍ عَمَلَهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْخَيْرِ عَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مِنَ الثَّوَابِ. (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) يَعْنِي الشِّرْكَ (فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) وَهُوَ الْخُلُودُ فِي النَّارِ، لِأَنَّ الشِّرْكَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ، وَالنَّارَ أعظم العقوبة، فذلك قول تَعَالَى:" جَزاءً وِفاقاً «2» " يَعْنِي جَزَاءً وَافَقَ الْعَمَلَ. وَأَمَّا الْحَسَنَةُ فَبِخِلَافِ ذَلِكَ، لِنَصِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ. وَفِي الْخَبَرِ (الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ وَالسَّيِّئَةُ وَاحِدَةٌ وَأَغْفِرُ فَالْوَيْلُ لِمَنْ غَلَبَتْ آحَادُهُ أَعْشَارَهُ). وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: الْحَسَنَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالسَّيِّئَةُ الشِّرْكُ. (وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) أَيْ لَا يَنْقُصُ ثَوَابُ أَعْمَالِهِمْ. وَقَدْ مَضَى فِي" الْبَقَرَةِ «3» " بَيَانُ هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْعَشْرُ لِسَائِرِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّبْعُمِائَةٍ لِلنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْخَاصُّ وَالْعَامُّ فِيهِ سَوَاءٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ لِلْعَوَامِّ عَشَرَةٌ وَلِلْخَوَاصِّ سَبْعُمِائَةٍ وَأَكْثَرُ إِلَى مَا لَا يُحْصَى، وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى تَوْقِيفٍ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِحَدِيثِ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهِ: (وَأَمَّا حَسَنَةٌ بِعَشْرٍ فَمَنْ عَمِلَ حَسَنَةً فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَمَّا حسنة بسبعمائة فالنفقة في سبيل الله).

[سورة الأنعام (6): الآيات 161 الى 163]

قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015