تفسير القرطبي (صفحة 2684)

وَلَمْ يُكَلِّمُوهُمْ لَمَاتَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى ما في صدره ولم يظهر منه شي وَحَمَلَهُ مَعَهُ إِلَى قَبْرِهِ. وَقَالَ سَهْلٌ: لَا يُحْدِثُ أَحَدُكُمْ بِدْعَةً حَتَّى يُحْدِثَ لَهُ إِبْلِيسُ عِبَادَةً فَيَتَعَبَّدُ بِهَا ثُمَّ يُحْدِثُ لَهُ بِدْعَةً، فَإِذَا نَطَقَ بِالْبِدْعَةِ وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهَا نَزَعَ مِنْهُ تِلْكَ الْخَذْمَةَ (?). قَالَ سَهْلٌ: لَا أَعْلَمُ حديثا جاء في المبتدعة أشد هَذَا الْحَدِيثِ: (حَجَبَ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَنْ صَاحِبِ الْبِدْعَةِ). قَالَ: فَالْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ أَرْجَى مِنْهُمْ. قَالَ سَهْلٌ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُكْرِمَ دِينَهُ فَلَا يَدْخُلْ عَلَى السُّلْطَانِ، وَلَا يَخْلُوَنَّ بِالنِّسْوَانِ، وَلَا يُخَاصِمَنَّ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ. وَقَالَ أَيْضًا: اتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعُوا، فَقَدْ كُفِيتُمْ. وَفِي مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ: أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إن رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا شَيْئًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَّا خَيْرًا، قَالَ: فَمَا هُوَ؟ قَالَ: إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ، فِي كُلِّ حَلْقَةِ رَجُلٌ وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى فَيَقُولُ لَهُمْ: كَبِّرُوا مِائَةً، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً. فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً. وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً، فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً. قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا، انْتِظَارَ رَأْيِكَ وَانْتِظَارَ أَمْرِكَ. قَالَ أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَلَّا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ. ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي (أَرَاكُمْ (?)) تَصْنَعُونَ؟ قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ. قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ وَأَنَا ضَامِنٌ لَكُمْ ألا يضيع من حسناتكم شي، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ. أو مفتتحي (?) بَابَ ضَلَالَةٍ! قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ. فَقَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ. وَعَنْ عُمَرَ بن عبد العزيز وسأله رجل عن شي مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِدِينِ الْأَعْرَابِ وَالْغُلَامِ فِي الْكُتَّابِ، وَالْهُ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: قَالَ إِبْلِيسُ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ أي شي تأتون بنى آدم؟ فقالوا: من كل شي. قَالَ: فَهَلْ تَأْتُونَهُمْ مِنْ قِبَلِ الِاسْتِغْفَارِ؟ قَالُوا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015