السَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى.: (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) نَظِيرُهُ" وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ (?) ". فَقَوْلُهُ:" مَا ظَهَرَ" نَهْيٌ عَنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْفَوَاحِشِ وَهِيَ الْمَعَاصِي." وَما بَطَنَ" ما عقد عليه القلب الْمُخَالَفَةِ. وَظَهَرَ وَبَطَنَ حَالَتَانِ تَسْتَوْفِيَانِ أَقْسَامَ مَا جعلت له من الأشياء. و" ما ظَهَرَ" نُصِبَ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ" الْفَواحِشَ"." وَما بَطَنَ" عُطِفَ عَلَيْهِ. الثَّامِنَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي" النَّفْسَ" لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ، كَقَوْلِهِمْ: أَهْلَكَ النَّاسَ حُبُّ الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ. وَمِثْلُهُ" إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ (?) هَلُوعاً" ألا ترى قول سُبْحَانَهُ:" إِلَّا الْمُصَلِّينَ"؟ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:" وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (?) " لِأَنَّهُ قَالَ:" إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا" وَهَذِهِ الْآيَةُ نَهْيٌ عَنْ قَتْلِ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ، مُؤْمِنَةً كَانَتْ أَوْ مُعَاهَدَةً إِلَّا بِالْحَقِّ الَّذِي يُوجِبُ قَتْلَهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ) وَهَذَا الْحَقُّ أُمُورٌ: مِنْهَا مَنْعُ الزَّكَاةِ وَتَرْكُ الصَّلَاةِ، وَقَدْ قَاتَلَ الصِّدِّيقُ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَفِي التَّنْزِيلِ" فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ (?) " وَهَذَا بَيِّنٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ). وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا (?) الْآخَرَ مِنْهُمَا). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ). وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا فِي" الْأَعْرَافِ (?) ". وَفِي التَّنْزِيلِ:" إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا (?) " (الْآيَةَ (?)). وَقَالَ:" وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا (?) " الْآيَةَ. وَكَذَلِكَ مَنْ شَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَخَالَفَ إِمَامَ جَمَاعَتِهِمْ وَفَرَّقَ كَلِمَتَهُمْ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا بِانْتِهَابِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْبَغْيِ عَلَى السُّلْطَانِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ حُكْمِهِ يُقْتَلُ. فَهَذَا معنى قوله:" إِلَّا بِالْحَقِّ".