تفسير القرطبي (صفحة 2656)

قَالَ عَنْتَرَةُ:

مَا رَاعَنِي إِلَّا حَمُولَةُ أَهْلِهَا ... وَسْطَ الدِّيَارِ تَسُفُّ حَبَّ الْحِمْحِمِ (?)

وَفَعُولَةٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ اسْتَوَى فِيهَا الْمُؤَنَّثُ وَالْمُذَكَّرُ، نَحْوَ قَوْلِكَ: رَجُلٌ فَرُوقَةٌ وَامْرَأَةٌ فَرُوقَةٌ لِلْجَبَانِ وَالْخَائِفِ. وَرَجُلٌ صَرُورَةٌ وَامْرَأَةٌ صَرُورَةٌ إِذَا لَمْ يَحُجَّا، وَلَا جَمْعَ لَهُ. فَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ فُرِّقَ بَيْنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ بِالْهَاءِ كَالْحَلُوبَةِ وَالرَّكُوبَةِ. وَالْحُمُولَةُ (بِضَمِّ الْحَاءِ): الْأَحْمَالُ. وَأَمَّا الْحُمُولُ (بِالضَّمِّ بِلَا هَاءٍ) فَهِيَ الْإِبِلُ الَّتِي عَلَيْهَا الْهَوَادِجُ، كَانَ فِيهَا نِسَاءٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ." وَفَرْشاً" قَالَ الضَّحَّاكُ: الْحَمُولَةُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ. وَالْفَرْشُ: الْغَنَمُ. النحاس: واستشهد لصاحب هذا القول بقول:" ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ" قَالَ: فَ" ثَمانِيَةَ" بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ:" حَمُولَةً وَفَرْشاً". وَقَالَ الْحَسَنُ: الْحَمُولَةُ الْإِبِلُ. وَالْفَرْشُ: الْغَنَمُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَمُولَةُ كُلُّ مَا حَمَلَ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ. وَالْفَرْشُ: الْغَنَمُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْحَمُولَةُ ما يركب، والفرش ما يؤكل لحمه ومحلب، مِثْلَ الْغَنَمِ وَالْفِصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ، سُمِّيَتْ فَرْشًا لِلَطَافَةِ أَجْسَامِهَا وَقُرْبِهَا مِنَ الْفَرْشِ، وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الَّتِي يَتَوَطَّؤُهَا النَّاسُ. قَالَ الرَّاجِزُ:

أَوْرَثَنِي حَمُولَةً وَفَرْشًا ... أَمُشُّهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَشًّا (?)

وَقَالَ آخَرُ:

وَحَوَيْنَا الْفَرْشَ مِنْ أَنْعَامِكُمْ ... وَالْحُمُولَاتِ وَرَبَّاتِ الْحَجَلِ

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: لَمْ أَسْمَعْ لَهُ بِجَمْعٍ. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا سُمِّيَ بِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فَرَشَهَا اللَّهُ فَرْشًا، أَيْ بَثَّهَا بَثًّا. وَالْفَرْشُ: الْمَفْرُوشُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ. وَالْفَرْشُ: الزَّرْعُ إِذَا فُرِشَ. وَالْفَرْشُ: الْفَضَاءُ الْوَاسِعُ. وَالْفَرْشُ فِي رِجْلِ الْبَعِيرِ: اتِّسَاعٌ قَلِيلٌ، وَهُوَ مَحْمُودٌ. وَافْتَرَشَ الشَّيْءَ انْبَسَطَ، فَهُوَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ. وَقَدْ يرجع قول تَعَالَى:" وَفَرْشاً" إِلَى هَذَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَمِنْ أَحْسَنَ مَا قِيلَ فِيهِمَا أَنَّ الْحَمُولَةَ الْمُسَخَّرَةُ الْمُذَلَّلَةُ لِلْحَمْلِ. وَالْفَرْشَ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وجل من الجلود والصوف مما يجلس ويتمهد. وباقى الآية قد تقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015