صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابِهِ غَيْرُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: هُوَ كَمَا قَالَ حَمْزَةُ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ جَلِيلَةٌ تَلَقَّاهَا الْجَمِيعُ بِالْقَبُولِ، وَلَمْ يَرْوِهَا أَحَدٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ مَحْفُوظٍ غَيْرُ أَبِي سَعِيدٍ. وَقَدْ رَوَى جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ غَرِيبٌ، وَقَدْ وَجَدْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ. الثَّالِثَةَ وَالْعِشْرُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تُسْرِفُوا) الْإِسْرَافُ فِي اللُّغَةِ الْخَطَأُ. وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ أَرَادَ قَوْمًا: طَلَبْتُكُمْ فَسَرِفْتُكُمْ، أَيْ أَخْطَأْتُ مَوْضِعَكُمْ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَالَ قَائِلُهُمْ وَالْخَيْلُ تَخْبِطُهُمْ ... أَسْرَفْتُمُ فَأَجَبْنَا أَنَّنَا سَرَفُ
وَالْإِسْرَافُ فِي النَّفَقَةِ: التَّبْذِيرُ. وَمُسْرِفٌ لَقَبُ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ الْمُرِّيِّ صَاحِبِ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ (?)، لِأَنَّهُ قَدْ أَسْرَفَ فِيهَا. قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ:
هُمْ مَنَعُوا ذِمَارِي يَوْمَ جَاءَتْ ... كَتَائِبُ مُسْرِفٍ وَبَنِي (?) اللَّكِيعَهْ
وَالْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ: لَا تَأْخُذُوا الشَّيْءَ بِغَيْرِ حَقِّهِ ثُمَّ تَضَعُوهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، قَالَهُ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ. وَنَحْوَهُ قَوْلُ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ: مَا جَاوَزْتَ به أمر الله فهو سَرَفُ وَالْإِسْرَافُ فِي النَّفَقَةِ: التَّبْذِيرُ. وَمُسْرِفٌ لَقَبُ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ الْمُرِّيِّ صَاحِبِ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ (?)، لِأَنَّهُ قَدْ أَسْرَفَ فِيهَا. قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ:
هُمْ مَنَعُوا ذِمَارِي يَوْمَ جَاءَتْ ... كَتَائِبُ مُسْرِفٍ وَبَنِي (?) اللَّكِيعَهْ
وَالْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ: لَا تَأْخُذُوا الشَّيْءَ بِغَيْرِ حَقِّهِ ثُمَّ تَضَعُوهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، قَالَهُ إصبع ابن الْفَرَجِ. وَنَحْوَهُ قَوْلُ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ: مَا جَاوَزْتَ بِهِ أَمْرَ اللَّهِ فَهُوَ سَرَفٌ وَإِسْرَافٌ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُوَ خِطَابٌ لِلْوُلَاةِ، يَقُولُ: لَا تَأْخُذُوا فَوْقَ حَقِّكُمْ وَمَا لَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ. وَالْمَعْنَيَانِ يَحْتَمِلُهُمَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (الْمُعْتَدِي فِي الصَّدَقَةِ كَمَانِعِهَا). وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَوْ كَانَ أَبُو قُبَيْسٍ ذَهَبًا لِرَجُلٍ فَأَنْفَقَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ مُسْرِفًا، وَلَوْ أَنْفَقَ دِرْهَمًا أَوْ مُدًّا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَانَ مُسْرِفًا. وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قِيلَ لِحَاتِمٍ: لَا خَيْرَ فِي السَّرَفِ، فَقَالَ: لَا سَرَفَ فِي الْخَيْرِ. قُلْتُ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، يَرُدُّهُ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ عَمَدَ إِلَى خَمْسِمِائَةِ نَخْلَةٍ فَجَذَّهَا ثُمَّ قَسَمَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَتْرُكْ لِأَهْلِهِ شَيْئًا، فَنَزَلَتْ" وَلا تُسْرِفُوا" أَيْ لَا تُعْطُوا كُلَّهُ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: جَذَّ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ نَخْلَهُ فَلَمْ يزل يتصدق حتى لم يبق منه شي: فَنَزَلَ" وَلا تُسْرِفُوا". قَالَ السُّدِّيُّ:" وَلا تُسْرِفُوا" أَيْ لَا تُعْطُوا أَمْوَالَكُمْ فَتَقْعُدُوا فُقَرَاءَ. وَرُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَلا تُسْرِفُوا" قَالَ: الْإِسْرَافُ ما قصرت (?) عن حق الله تعالى.