مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ فَاعْلَمْهُ. وَمَعْنَى" وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ" أَيْ وَلِكُلِّ عَامِلٍ بِطَاعَةٍ دَرَجَاتٌ فِي الثَّوَابِ وَلِكُلِّ عَامِلٍ بِمَعْصِيَةٍ دِرْكَاتٌ فِي الْعِقَابِ. (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ) أَيْ لَيْسَ بِلَاهٍ وَلَا سَاهٍ. وَالْغَفْلَةُ أَنْ يَذْهَبَ الشَّيْءُ عَنْكَ لِاشْتِغَالِكَ بِغَيْرِهِ. (عَمَّا يَعْمَلُونَ) قَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ بِالتَّاءِ، الباقون بالياء.
وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ) أَيْ عَنْ خَلْقِهِ وَعَنْ أَعْمَالِهِمْ. (ذُو الرَّحْمَةِ) أَيْ بِأَوْلِيَائِهِ وَأَهْلِ طَاعَتِهِ (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) بِالْإِمَاتَةِ وَالِاسْتِئْصَالِ بِالْعَذَابِ. (وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشاءُ)
أَيْ خَلْقًا آخَرَ أَمْثَلَ مِنْكُمْ وَأَطْوَعَ. (كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) وَالْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، أَيْ يَسْتَخْلِفُ مِنْ بعدكم ما يشاء استخلافا مئل مَا أَنْشَأَكُمْ، وَنَظِيرُهُ" إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ»
"." وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ «2» ". فَالْمَعْنَى يُبَدِّلُ غَيْرُكُمْ مَكَانَكُمْ، كَمَا تَقُولُ: أَعْطَيْتُكَ مِنْ دِينَارِكَ ثَوْبًا.
[سورة الأنعام (6): آية 134]
إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ" أَوْعَدْتُ" فِي الشَّرِّ، وَالْمَصْدَرُ الْإِيعَادُ. وَالْمُرَادُ عَذَابُ الْآخِرَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ" وَعَدْتُ" عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ السَّاعَةَ الَّتِي فِي مَجِيئِهَا الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فَغُلِّبَ الْخَيْرُ. رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ الْحَسَنِ. (وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) أَيْ فَائِتِينَ، يُقَالُ: أَعْجَزَنِي فُلَانٌ، أَيْ فَاتَنِي وغلبني.
[سورة الأنعام (6): آية 135]
قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135)