لِلْعُصَاةِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِي هُمْ أَهْلُهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ- أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ- فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فحما أذن في الشفاعة فجئ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ ثم قيل يأهل الْجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحَبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ (. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يَرْعَى بِالْبَادِيَةِ «1». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. قُلْتُ: فَقَوْلُهُ (فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ) حَقِيقَةٌ فِي الْمَوْتِ، لِأَنَّهُ أَكَّدَهُ بِالْمَصْدَرِ، وَذَلِكَ تَكْرِيمًا لَهُمْ. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (أَمَاتَهُمْ) عِبَارَةً عَنْ تَغْيِيبِهِمْ عَنْ آلَامِهَا بِالنَّوْمِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَوْتًا عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَدْ أَجْمَعَ النَّحْوِيُّونَ عَلَى أَنَّكَ إِذَا أَكَّدْتَ الْفِعْلَ بِالْمَصْدَرِ لَمْ يَكُنْ مَجَازًا، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَمِثْلَهُ:" وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً" [النساء: 164] عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ «2» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَكُنْتُمْ أَمْواتاً بِالْخُمُولِ فَأَحْياكُمْ بِأَنْ ذُكِرْتُمْ وَشُرِّفْتُمْ بِهَذَا الدِّينِ وَالنَّبِيِّ الَّذِي جَاءَكُمْ، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ فَيَمُوتُ ذِكْرُكُمْ، ثُمَّ يُحْيِيكُمْ لِلْبَعْثِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أَيْ إِلَى عَذَابِهِ مَرْجِعُكُمْ لِكُفْرِكُمْ. وَقِيلَ: إِلَى الْحَيَاةِ وَإِلَى الْمَسْأَلَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ «3» " [الأنبياء: 104] فإعادتهم كابتدائهم، فهو رجوع. و" تُرْجَعُونَ" قِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ. وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ وَابْنُ أَبِي إسحاق ومجاهد وابن محيصن وسلام ابن يَعْقُوبَ يَفْتَحُونَ حَرْفَ الْمُضَارَعَةِ وَيَكْسِرُونَ الْجِيمَ حَيْثُ وقعت.
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)