فَسَادٌ. وَكَانَ أَصْبَغُ وَأَشْهَبُ لَا يَنْظُرَانِ إِلَى الثَّمَرَةِ وَلَكِنْ إِلَى الْقِيمَةِ، فَإِذَا كَانَتِ الْقِيمَةُ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا وُضِعَ عَنْهُ. وَالْجَائِحَةُ مَا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَعَلَيْهِ فَلَا تَكُونُ السَّرِقَةُ جَائِحَةً، وَكَذَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. وَفِي الْكِتَابِ أَنَّهُ جَائِحَةٌ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ وَالنَّاسُ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: مَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عَفَنٍ أَوْ بَرَدٍ، أَوْ عَطَشٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ كَسْرِ الشَّجَرِ بِمَا لَيْسَ بِصُنْعِ آدَمِيٍّ فَهُوَ جَائِحَةٌ. وَاخْتُلِفَ فِي الْعَطَشِ «1»، فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ جَائِحَةٌ. وَالصَّحِيحُ فِي الْبُقُولِ أَنَّهَا (فِيهَا جَائِحَةٌ «2») كَالثَّمَرَةِ. وَمَنْ بَاعَ ثَمَرًا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ فُسِخَ بَيْعُهُ وَرُدَّ، لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَلِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ الله الثمرة فبم أخذ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ)؟ هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَصَحَّحَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَحَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى الْكَرَاهَةِ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ بَيْعِهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ. وَمَنَعَهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى تَمَسُّكًا بِالنَّهْيِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ. وَخَصَّصَهُ الْجُمْهُورُ بِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ، لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مَعْلُومٌ يَصِحُّ قَبْضُهُ حَالَةَ الْعَقْدِ فَصَحَّ بَيْعُهُ كسائر المبيعات.
وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ (100)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ" هَذَا ذِكْرُ نَوْعٍ آخَرَ مِنْ جَهَالَاتِهِمْ، أَيْ فِيهِمْ مَنِ اعْتَقَدَ لِلَّهِ شُرَكَاءَ مِنَ الْجِنِّ. قال النحاس:" الْجِنَّ" مفعول أول، و" شُرَكاءَ" مَفْعُولٌ ثَانٍ، مِثْلَ" وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً «3» "." وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُوداً «4» ". وَهُوَ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ. وَالتَّقْدِيرُ وَجَعَلُوا لِلَّهِ الْجِنَّ شُرَكَاءَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" الْجِنَّ" بَدَلًا مِنْ شُرَكَاءَ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي" لِلَّهِ". وَأَجَازَ الْكِسَائِيُّ رَفْعَ" الْجِنِّ" بِمَعْنَى هُمُ الْجِنُّ." وَخَلَقَهُمْ" كَذَا قِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ «5»، أَيْ خَلَقَ الْجَاعِلِينَ لَهُ شُرَكَاءَ. وَقِيلَ: خَلَقَ الْجِنَّ الشُّرَكَاءَ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ" وَهُوَ خَلَقَهُمْ" بِزِيَادَةِ هُوَ. وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ" وَخَلْقَهُمْ" بِسُكُونِ اللَّامِ، وَقَالَ: أَيْ وَجَعَلُوا خَلْقَهُمْ لِلَّهِ شُرَكَاءَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يخلقون الشيء ثم يعبدونه. الآية ونزلت في مشركي العرب. ومعنى إشراكهم