قَالَهُ الْكِسَائِيُّ وَالْأَخْفَشُ. وَقَالَ غَيْرُهُمَا: أَيْ هَذَا الضَّوْءُ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ: أَيْ هَذَا الشَّخْصُ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
قَامَتْ تُبَكِّيهِ عَلَى قَبْرِهِ ... مَنْ لِي مِنْ بَعْدِكَ يَا عَامِرُ
تَرَكْتَنِي فِي الدَّارِ ذَا غُرْبَةٍ ... قد ذل من ليس له ناصر «1»
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ) أَيْ قَصَدْتُ بِعِبَادَتِي وَتَوْحِيدِي لله عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ. وَذَكَرَ الْوَجْهَ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ مَا يَعْرِفُ بِهِ (الْإِنْسَانُ) «2» صَاحِبَهُ." حَنِيفاً" مَائِلًا إِلَى الْحَقِّ. (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) اسْمُ" مَا" وَخَبَرُهَا. وَإِذَا وَقَفْتَ قُلْتَ:" أَنَا" زِدْتَ الْأَلِفَ لِبَيَانِ الْحَرَكَةِ، وَهِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ:" أَنَ". وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ:" أَنَهْ". ثَلَاثُ لُغَاتٍ. وَفِي الْوَصْلِ أَيْضًا ثَلَاثُ لُغَاتٍ: أَنْ تُحْذَفَ الْأَلِفُ فِي الْإِدْرَاجِ، لِأَنَّهَا زَائِدَةٌ لِبَيَانِ الْحَرَكَةِ فِي الْوَقْفِ. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُثْبِتُ الْأَلِفَ فِي الْوَصْلِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنَا سَيْفُ الْعَشِيرَةِ فَاعْرِفُونِي «3»
وَهِيَ لُغَةُ بَعْضِ بَنِي قَيْسٍ وَرَبِيعَةَ، عَنِ الْفَرَّاءِ. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ فِي الْوَصْلِ: آنَ فَعَلْتُ، مِثْلَ عَانَ فعلت، حكاه الكسائي عن بعض قضاعة.
[سورة الأنعام (6): آية 80]
وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (80)