تفسير القرطبي (صفحة 2564)

" فَيَكُونَ" بِالنَّصْبِ، (?) وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى سُرْعَةِ الْحِسَابِ وَالْبَعْثِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ الْقَوْلُ فِيهِ مُسْتَوْفًى (?). قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) أَيْ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ. أو وله الحق يوم ينقخ فِي الصُّورِ. وَقِيلَ: هُوَ بَدَلٌ مِنْ" يَوْمَ يَقُولُ". وَالصُّورُ قَرْنٌ مِنْ نُورٍ يُنْفَخُ فِيهِ، النَّفْخَةُ الْأُولَى لِلْفَنَاءِ وَالثَّانِيَةُ لِلْإِنْشَاءِ. وَلَيْسَ جَمْعُ صُورَةٍ كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ، أَيْ يُنْفَخُ فِي صُوَرِ الْمَوْتَى عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ. رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو" .... ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى (?) لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا (?) - قَالَ- وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ (?) حَوْضَ إِبِلِهِ قال وَيُصْعَقُ النَّاسُ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ- أَوْ قَالَ يُنْزِلُ اللَّهُ- مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ" وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَكَذَا فِي التَّنْزِيلِ" ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى " (?) وَلَمْ يَقُلْ فِيهَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ جَمْعَ الصُّورَةِ. وَالْأُمَمُ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَنْفُخُ فِي الصُّورِ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ: مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ الصُّورُ قَرْنًا فَهُوَ كَمَنْ يُنْكِرُ الْعَرْشَ وَالْمِيزَانَ وَالصِّرَاطَ، وَطَلَبَ لَهَا تَأْوِيلَاتٍ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الصُّورُ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ كَالْقَرْنِ يُنْفَخُ فِيهِ، وَالصُّوَرُ جَمْعُ صُورَةٍ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الصُّورُ الْقَرْنُ. قَالَ الرَّاجِزُ:

لَقَدْ نَطَحْنَاهُمْ غَدَاةَ الْجَمْعَيْنِ ... نَطْحًا شَدِيدًا لَا كَنَطْحِ الصُّورَيْنِ

ومنه قول:" وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ (?) ". قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ الصُّورُ. وَيُقَالُ: هُوَ جَمْعُ صُورَةٍ مِثْلَ بُسْرَةٍ وَبُسْرٍ، أَيْ يُنْفَخُ فِي صُوَرِ الْمَوْتَى وَالْأَرْوَاحِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ" يَوْمَ يُنْفَخُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015