" يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ" «1». وَالْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْقِتَالِ. وَقِيلَ: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، لِأَنَّ قَوْلَهُ:" وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ" تهديد، كقول:" ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا" «2» وَمَعْنَاهُ لَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ التَّبْلِيغُ وَالتَّذْكِيرُ بِإِبْسَالِ النُّفُوسِ. فَمَنْ أُبْسِلَ فَقَدْ أُسْلِمَ وَارْتُهِنَ. وَقِيلَ: أَصْلُهُ التَّحْرِيمُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: هَذَا بَسْلٌ عَلَيْكَ أَيْ حَرَامٌ، فَكَأَنَّهُمْ حَرَّمُوا الْجَنَّةَ وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الْجَنَّةُ. قَالَ الشَّاعِرُ «3»:
أَجَارَتُكُمْ بَسْلٌ عَلَيْنَا مُحَرَّمٌ ... وَجَارَتُنَا حِلٌّ لكم وحليلها
والإبسال: التحريم. والإبسال: التحريم.
قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (71) وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)
قَوْلُهُ تعالى: (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنا) أَيْ ما لا ينفعنا إن دعونا «4». (وَلا يَضُرُّنا) إِنْ تَرَكْنَاهُ، يُرِيدُ الْأَصْنَامَ. (وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ) أَيْ نَرْجِعُ إِلَى الضَّلَالَةِ بَعْدَ الْهُدَى. وَوَاحِدُ الْأَعْقَابِ عَقِبٌ وَهُوَ مُؤَنَّثٌ، وَتَصْغِيرُهُ عُقَيْبَةٌ. يُقَالُ: رَجَعَ فُلَانٌ عَلَى عَقِبَيْهِ، إِذَا أَدْبَرَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ لِمَنْ رُدَّ عَنْ حَاجَتِهِ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهَا: قَدْ رُدَّ عَلَى عَقِبَيْهِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: مَعْنَاهُ تُعُقِّبَ بِالشَّرِّ بَعْدَ الْخَيْرِ. وَأَصْلُهُ من العاقبة والعقبى وهما ما كان