تفسير القرطبي (صفحة 2504)

وتقريع. وقرئ (أَإِنَّكُمْ) بِهَمْزَتَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ. وَإِنْ خُفِّفَتِ الثَّانِيَةُ قُلْتُ: (أَيِنَّكُمْ). وَرَوَى الْأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَنَافِعٍ (ءائنكم)، وَهَذِهِ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ، تُجْعَلُ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ أَلِفٌ كراهة لالتقائهما، قال الشاعر «1»:

أَيَا ظَبْيَةَ الْوَعْسَاءِ بَيْنَ جُلَاجِلٍ ... وَبَيْنَ النَّقَا ءا أنت أَمْ أُمُّ سَالِمٍ

وَمَنْ قَرَأَ" إِنَّكُمْ" عَلَى الْخَبَرِ فَعَلَى أَنَّهُ قَدْ حَقَّقَ عَلَيْهِمْ شِرْكَهُمْ. وَقَالَ:" آلِهَةً أُخْرى " وَلَمْ يَقُلْ: (أُخَرُ)، قَالَ الْفَرَّاءُ: لِأَنَّ الْآلِهَةَ جَمْعٌ وَالْجَمْعُ يَقَعُ عَلَيْهِ التَّأْنِيثُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:" وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها" «2»] طه: 51]، وقوله:" فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى " «3»] طه: 51] وَلَوْ قَالَ: الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ صَحَّ أَيْضًا «4». (قُلْ لَا أَشْهَدُ) أَيْ فَأَنَا لَا أَشْهَدُ مَعَكُمْ فَحُذِفَ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَنَظِيرُهُ" فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ" «5»] الانعام: 150].

[سورة الأنعام (?): آية 20]

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ). يُرِيدُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ عَرَفُوا وَعَانَدُوا وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي (الْبَقَرَةِ) «6». وَ (الَّذِينَ) فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ." يَعْرِفُونَهُ" فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ، أَيْ يَعْرِفُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الزَّجَّاجِ. وَقِيلَ: يَعُودُ عَلَى الْكِتَابِ، أَيْ يَعْرِفُونَهُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، أَيْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى صِحَّةِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ." الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ" فِي مَوْضِعِ النَّعْتِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ" فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ".

[سورة الأنعام (?): الآيات 21 الى 22]

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (22)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015