تفسير القرطبي (صفحة 2449)

فِي أَهْلِ الْكِتَابِ- وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُمْ، يَذْهَبَانِ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى لَا يَضُرُّكُمْ كُفْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ إِذَا أَدَّوُا الْجِزْيَةَ. وَقِيلَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَهُ الْمَهْدَوِيُّ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ وَلَا يُعْلَمُ قَائِلُهُ. قُلْتُ: قَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى آيَةٌ جَمَعَتِ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ غَيْرَ هَذِهِ الْآيَةِ. قَالَ غَيْرُهُ: النَّاسِخُ مِنْهَا قَوْلُهُ:" إِذَا اهْتَدَيْتُمْ" وَالْهُدَى هُنَا هُوَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الرَّابِعَةُ- الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ مُتَعَيَّنٌ مَتَى رُجِيَ الْقَبُولُ، أَوْ رُجِيَ رَدُّ الظَّالِمِ وَلَوْ بِعُنْفٍ، مَا لَمْ يَخَفِ الْآمِرُ ضَرَرًا يَلْحَقُهُ فِي خَاصَّتِهِ، أَوْ فِتْنَةً يُدْخِلُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، إِمَّا بِشَقِّ عَصًا، وَإِمَّا بِضَرَرٍ يَلْحَقُ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا خِيفَ هَذَا فَ" عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ" مُحْكَمٌ «1» وَاجِبٌ أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي النَّاهِي أَنْ يَكُونَ عَدْلًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى هذا جماعة أهل «2» العلم فاعلمه.

[سورة المائدة (5): الآيات 106 الى 108]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (108)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015