يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ. وَقِيلَ: الْبَحِيرَةُ لُغَةً هِيَ النَّاقَةُ الْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ، يُقَالُ بَحَرْتُ أُذُنَ النَّاقَةِ أَيْ شَقَقْتُهَا شَقًّا وَاسِعًا، وَالنَّاقَةُ بَحِيرَةٌ وَمَبْحُورَةٌ، وَكَانَ الْبَحْرُ عَلَامَةَ التَّخْلِيَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يُقَالُ البجيرة هِيَ الَّتِي خُلِّيَتْ بِلَا رَاعٍ، وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الْغَزِيرَةِ (?) بَحِيرَةٌ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: الْبَحِيرَةُ هِيَ ابْنَةُ السَّائِبَةِ، وَالسَّائِبَةُ هِيَ النَّاقَةُ إِذَا تَابَعَتْ بَيْنَ عَشْرِ إِنَاثٍ لَيْسَ بَيْنَهُنَّ ذَكَرٌ، لَمْ يُرْكَبْ ظَهْرُهَا وَلَمْ يُجَزَّ وَبَرُهَا، وَلَمْ يَشْرَبْ لَبَنَهَا إِلَّا ضَيْفٌ، فَمَا نُتِجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أُنْثَى شُقَّتْ أُذُنُهَا، وَخُلِّيَ سَبِيلُهَا مَعَ أُمِّهَا، فَلَمْ يُرْكَبْ ظَهْرُهَا وَلَمْ يُجَزَّ وَبَرُهَا، وَلَمْ يَشْرَبْ لَبَنَهَا إِلَّا ضَيْفٌ كَمَا فُعِلَ بِأُمِّهَا، فَهِيَ الْبَحِيرَةُ ابْنَةُ السَّائِبَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا نَتَجَتِ النَّاقَةُ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ إِنَاثًا بُحِرَتْ أُذُنُهَا فَحُرِّمَتْ، قَالَ:
مُحَرَّمَةٌ لَا يَطْعَمُ النَّاسُ لَحْمَهَا ... وَلَا نَحْنُ فِي شَيْءٍ كَذَاكَ الْبَحَائِرُ
وَقَالَ ابْنُ عُزَيْزٍ (?): الْبَحِيرَةُ النَّاقَةُ إِذَا نَتَجَتْ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ فَإِذَا كَانَ الْخَامِسُ ذَكَرًا نَحَرُوهُ فَأَكَلَهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْخَامِسُ أُنْثَى بَحَرُوا أُذُنَهَا- أَيْ شَقُّوهُ (?) - وَكَانَتْ حَرَامًا عَلَى النِّسَاءِ لَحْمُهَا وَلَبَنُهَا- وَقَالَهُ عِكْرِمَةُ- فَإِذَا مَاتَتْ حَلَّتْ لِلنِّسَاءِ. وَالسَّائِبَةُ الْبَعِيرُ يُسَيَّبُ بِنَذْرٍ يَكُونُ عَلَى الرَّجُلِ إِنْ سَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ بَلَّغَهُ مَنْزِلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، فَلَا تجس عَنْ رَعْيٍ وَلَا مَاءٍ، وَلَا يَرْكَبُهَا أَحَدٌ، وَقَالَ بِهِ أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَسَائِبَةٌ لله تنمي (?) تَشَكُّرًا ... إِنِ اللَّهُ عَافَى عَامِرًا أَوْ مُجَاشِعَا
وَقَدْ يُسَيِّبُونَ غَيْرَ النَّاقَةِ، وَكَانُوا إِذَا سَيَّبُوا الْعَبْدَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ. وَقِيلَ: السَّائِبَةُ هِيَ الْمُخَلَّاةُ لَا قَيْدَ عَلَيْهَا، وَلَا رَاعِيَ لَهَا، فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، نَحْوَ" عِيشَةٍ راضِيَةٍ" أَيْ مَرْضِيَّةٍ. مِنْ سَابَتِ الْحَيَّةُ وَانْسَابَتْ، قَالَ الشَّاعِرُ:
عَقَرْتُمْ نَاقَةً كَانَتْ لِرَبِّي ... وَسَائِبَةً فَقُومُوا لِلْعِقَابِ
وَأَمَّا الْوَصِيلَةُ وَالْحَامُ، فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْتِقُونَ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ يُسَيِّبُونَهَا، فَأَمَّا الْحَامُ فَمِنَ الْإِبِلِ، كَانَ الْفَحْلُ إِذَا انْقَضَى ضِرَابُهُ جَعَلُوا عَلَيْهِ مِنْ ريش الطواويس