الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) هَذَا حُكْمٌ بِتَحْلِيلِ صَيْدِ الْبَحْرِ، وَهُوَ كُلُّ مَا صِيدَ مِنْ حِيتَانِهِ وَالصَّيْدُ هُنَا يُرَادُ بِهِ الْمَصِيدُ، وَأُضِيفَ إِلَى الْبَحْرِ لَمَّا كَانَ مِنْهُ بِسَبَبٍ. وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْبَحْرِ فِي" الْبَقَرَةِ" (?) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَ" مَتاعاً" نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ مُتِّعْتُمْ بِهِ مَتَاعًا. الثَّانِيَةُ- قوله تعالى: (وَطَعامُهُ) الطَّعَامُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا يُطْعَمُ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَطْعُومٍ خَاصٍّ كَالْمَاءِ وَحْدَهُ، وَالْبُرِّ وَحْدَهُ، وَالتَّمْرِ وَحْدَهُ، وَاللَّبَنِ وَحْدَهُ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى النَّوْمِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ هُنَا عِبَارَةٌ عَمَّا قَذَفَ بِهِ الْبَحْرُ وَطَفَا عَلَيْهِ، أَسْنَدَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:" أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ"- الْآيَةَ- صَيْدُهُ مَا صِيدَ وَطَعَامُهُ مَا لَفَظَ] الْبَحْرُ [(?). وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ طعامه مَيْتَتُهُ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: طَعَامُهُ مَا مُلِّحَ مِنْهُ وَبَقِيَ، وَقَالَهُ مَعَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ قَوْمٌ: طَعَامُهُ مِلْحُهُ الَّذِي يَنْعَقِدُ مِنْ مَائِهِ وَسَائِرِ مَا فِيهِ مِنْ نَبَاتٍ وَغَيْرِهِ. الثَّالِثَةُ- قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُؤْكَلُ السَّمَكُ الطَّافِي وَيُؤْكَلُ مَا سِوَاهُ من السمك، ولا يؤكل شي مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ إِلَّا السَّمَكَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ عَنْهُ. وَكَرِهَ الْحَسَنُ أَكْلَ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [(?) أَنَّهُ كَرِهَهُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَرِهَ أَكْلَ الْجِرِّيِّ (?)، وَرُوِيَ عَنْهُ أَكْلُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَهُوَ أَصَحُّ، ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْجَرَادُ وَالْحِيتَانُ ذَكِيٌّ، فَعَلِيٌّ مُخْتَلَفٌ عَنْهُ فِي أَكْلِ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ جَابِرٍ (?) أَنَّهُ كَرِهَهُ، وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَاحْتَجُّوا بعموم قوله تعالى:" حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ"] المائدة: 3]. وبما رواه