وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَالنَّخَعِيُّ" الْكَلَامَ" بِالْأَلِفِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ غَيَّرُوا صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآيَةَ الرَّجْمِ. (وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) أَيْ نَسُوا عَهْدَ اللَّهِ الَّذِي أَخَذَهُ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.، وَبَيَانِ نَعْتِهِ." وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ" أَيْ وَأَنْتَ يَا مُحَمَّدُ لَا تَزَالُ الْآنَ تَقِفُ" عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ" وَالْخَائِنَةُ الْخِيَانَةُ، قَالَ قَتَادَةُ. وَهَذَا جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ، وَيَكُونُ مِثْلَ قَوْلِهِمْ: قَائِلَةٌ بِمَعْنَى قَيْلُولَةٍ. وَقِيلَ: هُوَ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فِرْقَةٌ خَائِنَةٌ. وَقَدْ تَقَعُ" خائِنَةٍ" لِلْوَاحِدِ كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ نَسَّابَةٌ وَعَلَّامَةٌ، فَخَائِنَةٌ عَلَى هَذَا لِلْمُبَالَغَةِ، يُقَالُ: رَجُلٌ خَائِنَةٌ إِذَا بَالَغْتَ فِي وَصْفِهِ بِالْخِيَانَةِ. قَالَ الشَّاعِرُ»
حَدَّثْتُ نَفْسَكَ بِالْوَفَاءِ وَلَمْ تَكُنْ ... لِلْغَدْرِ خَائِنَةً مُغِلَّ الْإِصْبَعِ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" عَلى خائِنَةٍ" أَيْ مَعْصِيَةٍ. وَقِيلَ: كَذِبٌ وَفُجُورٌ. وَكَانَتْ خِيَانَتُهُمْ نَقْضَهُمُ الْعَهْدَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُظَاهَرَتَهُمُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى حَرْبِ] رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [«2»، كَيَوْمِ الْأَحْزَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ هَمِّهِمْ بِقَتْلِهِ وَسَبِّهِ. (إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ) لَمْ يَخُونُوا فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ اللَّتَيْنِ فِي" خائِنَةٍ مِنْهُمْ". (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) فِي مَعْنَاهُ قَوْلَانِ: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ مَا دَامَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ وَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ. وَقِيلَ: بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ" وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً" «3»] الأنفال: 58].
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14) يَا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)