تفسير القرطبي (صفحة 2212)

كمل «1»، وَالصَّوَابُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا عَبْدُ اللَّهِ، وَهُوَ مِمَّا وَهِمَ فِيهِ مَالِكٌ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ تَابِعِيٌّ شَامِيٌّ كَبِيرٌ لِإِدْرَاكِهِ أَوَّلَ خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ: قَدِمْتُ مُهَاجِرًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْيَمَنِ فَلَمَّا وَصَلْنَا الْجُحْفَةَ إِذَا بِرَاكِبٍ قُلْنَا لَهُ مَا الْخَبَرُ؟ قَالَ: دَفَنَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ وَغَيْرِهِ تُفِيدُكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا كَوْنُ الْوُضُوءِ مَشْرُوعًا عِبَادَةً لِدَحْضِ الْآثَامِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي افْتِقَارَهُ إِلَى نِيَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، لِأَنَّهُ شُرِعَ لِمَحْوِ الْإِثْمِ وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) أَيْ مِنْ ضِيقٍ فِي الدِّينِ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" «2»] الحج: 78]. وَ" مِنْ" صِلَةٌ أَيْ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ حَرَجًا. (وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) أَيْ مِنَ الذُّنُوبِ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالصُّنَابِحِيِّ. وَقِيلَ: مِنَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ. وَقِيلَ: لِتَسْتَحِقُّوا الْوَصْفَ بِالطَّهَارَةِ الَّتِي يُوصَفُ بِهَا أَهْلُ الطَّاعَةِ. وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ" لِيُطَهِّرَكُمْ" وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، كَمَا يُقَالُ: نَجَّاهُ وَأَنْجَاهُ." وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ" أَيْ بِالتَّرْخِيصِ فِي التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ. وَقِيلَ: بِتِبْيَانِ الشَّرَائِعِ. وَقِيلَ: بِغُفْرَانِ الذُّنُوبِ، وَفِي الْخَبَرِ (تَمَامُ النِّعْمَةِ دُخُولُ الْجَنَّةِ وَالنَّجَاةُ مِنَ النَّارِ)." لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" أَيْ لِتَشْكُرُوا نِعْمَتَهُ فَتُقْبِلُوا عَلَى طَاعَتِهِ.

[سورة المائدة (5): آية 7]

وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (7)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ). قِيلَ: هُوَ الْمِيثَاقُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:" وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ" «3»] الأعراف: 172]، قاله مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ. وَنَحْنُ وَإِنْ لَمْ نَذْكُرْهُ فَقَدْ أَخْبَرَنَا الصَّادِقُ بِهِ، فَيَجُوزُ أَنْ نُؤْمَرَ بِالْوَفَاءِ بِهِ. وَقِيلَ: هُوَ خِطَابٌ لِلْيَهُودِ بِحِفْظِ مَا أُخِذَ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ من المفسرين كابن عباس والسدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015