تفسير القرطبي (صفحة 2209)

مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:" وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً" (?)] الفرقان: 72] قَالَ: إِذَا ذَكَرُوا النِّكَاحَ كَنَّوْا عَنْهُ، وَقَدْ مَضَى فِي" النِّسَاءِ" (?) الْقَوْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مُسْتَوْفًى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) قَدْ تَقَدَّمَ فِي" النِّسَاءِ" (?) أَنَّ عَدَمَهُ يَتَرَتَّبُ لِلصَّحِيحِ الْحَاضِرِ بِأَنْ يُسْجَنَ أَوْ يُرْبَطَ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ: إِنَّهُ إِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا وَخَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ، اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ- قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ: الصَّحِيحُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ بِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي ولا شي عَلَيْهِ، قَالَ: وَرَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُصَلِّي وَيُعِيدُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يُصَلِّي وَلَا يُعِيدُ. وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يُصَلِّي وَلَا يَقْضِي»

، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (?). قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَا أَعْرِفُ كَيْفَ أَقْدَمَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ عَلَى أَنْ جَعَلَ الصَّحِيحَ مِنَ الْمَذْهَبِ مَا ذَكَرَ، وَعَلَى خِلَافِهِ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاعَةُ الْمَالِكِيِّينَ. وَأَظُنُّهُ ذَهَبَ إِلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ- الْحَدِيثَ- وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُمْ صَلَّوْا، وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ. وَقَدْ ذَكَرَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ صَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَلَمْ يَذْكُرْ إِعَادَةً، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ. قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: وَهُوَ الْقِيَاسُ. قُلْتُ: وَقَدِ احْتَجَّ الْمُزَنِيُّ فِيمَا ذَكَرَهُ إِلْكِيَا الطَّبَرِيُّ بِمَا ذُكِرَ فِي قِصَّةِ الْقِلَادَةِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حِينَ ضَلَّتْ، وَأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ لِطَلَبِ الْقِلَادَةِ صَلَّوْا بِغَيْرِ تَيَمُّمٍ وَلَا وُضُوءٍ وَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ فِعْلَهَا بِلَا وُضُوءٍ وَلَا تَيَمُّمٍ، وَالتَّيَمُّمُ مَتَى لَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا فَقَدْ صَلَّوْا بِلَا طَهَارَةٍ أَصْلًا. وَمِنْهُ قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَلَا إِعَادَةَ، وَهُوَ نَصٌّ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ مَعَ عَدَمِ الطَّهَارَةِ مُطْلَقًا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُصُولِ إِلَيْهَا، قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَلَا يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ وَهَذَا مَعَهُ عَقْلُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ: الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ إِذَا كَانَ مَعَهُ عَقْلُهُ، فَإِذَا زَالَ المانع له توضأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015