" إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ"] آل عمران: 19] وَهُوَ الَّذِي يُفَسَّرُ فِي سُؤَالِ جِبْرِيلَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالْأَعْمَالُ وَالشُّعَبُ. السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) يَعْنِي مَنْ دَعَتْهُ ضَرُورَةٌ إِلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَالْمَخْمَصَةُ الْجُوعُ وَخَلَاءُ الْبَطْنِ مِنَ الطَّعَامِ. وَالْخَمْصُ ضُمُورُ الْبَطْنِ. وَرَجُلٌ خَمِيصٌ وَخُمْصَانٌ وَامْرَأَةٌ خَمِيصَةٌ وَخُمْصَانَةٌ، وَمِنْهُ أَخْمَصُ الْقَدَمِ، وَيُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا فِي الْجُوعِ وَالْغَرَثِ، قَالَ الْأَعْشَى:
تَبِيتُونَ فِي الْمَشْتَى مِلَاءً بُطُونُكُمْ ... وَجَارَاتُكُمْ غَرْثَى (?) يَبِتْنَ خَمَائِصَا
أَيْ مُنْطَوِيَاتٍ عَلَى الْجُوعِ قَدْ أَضْمَرَ بُطُونَهُنَّ. وَقَالَ النَّابِغَةُ فِي خَمْصِ الْبَطْنِ مِنْ جِهَةٍ ضُمْرِهِ:
وَالْبَطْنُ ذُو عُكَنٍ (?) خَمِيصٌ لَيِّنٌ ... وَالنَّحْرُ تَنْفُجُهُ (?) بِثَدْيٍ مقعد
وفي الحديث: (خماص البطون جفاف الظُّهُورِ). الْخِمَاصُ جَمْعُ الْخَمِيصِ الْبَطْنِ، وَهُوَ الضَّامِرُ. أَخْبَرَ أَنَّهُمْ أَعِفَّاءُ عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، وَمِنْهُ الحديث: (إن الطير تغدو خماصا وتروج بِطَانًا). وَالْخَمِيصَةُ أَيْضًا ثَوْبٌ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْخَمَائِصُ ثِيَابُ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ مُعْلَمَةٍ، وَهِيَ سَوْدَاءُ، كَانَتْ مِنْ لِبَاسِ النَّاسِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الاضطرار وحكمه في البقرة»
. السابعة والعشرن- قَوْلُهُ تَعَالَى: (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) أَيْ غَيْرَ مَائِلٍ لِحَرَامٍ، وَهُوَ بِمَعْنَى" غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ"] البقرة: 173] وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَالْجَنَفُ الْمَيْلُ، وَالْإِثْمُ الْحَرَامُ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ (?) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا تَجَانَفْنَا فِيهِ لِإِثْمٍ، أَيْ مَا مِلْنَا وَلَا تَعَمَّدْنَا وَنَحْنُ نَعْلَمُهُ: وَكُلُّ مَائِلٍ فَهُوَ مُتَجَانِفٍ وَجَنِفٍ. وَقَرَأَ النَّخَعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالسُّلَمِيُّ مُتَجَنِّفٌ دُونَ أَلِفٍ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّ شَدَّ الْعَيْنِ يَقْتَضِي مُبَالَغَةً وَتَوَغُّلًا فِي الْمَعْنَى وَثُبُوتًا لِحُكْمِهِ، وَتَفَاعُلٌ إِنَّمَا هُوَ مُحَاكَاةُ الشَّيْءِ