تفسير القرطبي (صفحة 2094)

عِزًّا إِذَا غَلَبَهُ. (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) أَيِ الْغَلَبَةُ وَالْقُوَّةُ لِلَّهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ) يريد عند بَنِي قَيْنُقَاعَ، فَإِنَّ ابْنَ أُبَيٍّ كَانَ يُوَالِيهِمْ.

[سورة النساء (4): الآيات 140 الى 141]

وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها) الْخِطَابُ لِجَمِيعِ مَنْ أَظْهَرَ الْإِيمَانَ مِنْ مُحِقٍّ وَمُنَافِقٍ، لِأَنَّهُ إِذَا أَظْهَرَ الْإِيمَانَ فَقَدْ لَزِمَهُ أَنْ يَمْتَثِلَ أَوَامِرَ كِتَابِ اللَّهِ. فَالْمُنَزَّلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ «1»). وكان المنافقين يَجْلِسُونَ إِلَى أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَيَسْخَرُونَ مِنَ الْقُرْآنِ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ (وَقَدْ نَزَّلَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالزَّايِ وَشَدِّهَا، لِتَقَدُّمِ اسْمِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً). وَقَرَأَ حُمَيْدٌ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ الزَّايَ. الْبَاقُونَ (نُزِّلَ) غَيْرُ مُسَمَّى الْفَاعِلِ. (أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ) مَوْضِعُ (أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ) عَلَى قِرَاءَةِ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبَ نَصْبٌ بِوُقُوعِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ. وَفِي قِرَاءَةِ الْبَاقِينَ رَفْعٌ، لِكَوْنِهِ اسْمَ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. (يُكْفَرُ بِها) أَيْ إِذَا سَمِعْتُمُ الْكُفْرَ وَالِاسْتِهْزَاءَ بِآيَاتِ اللَّهِ، فَأَوْقَعَ السماع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015